حكاية 110 سيدات قنائيات انتصرن في معركة تصنيع الكمامات
إنتاج 50 ألف كمامة يومية مع الحفاظ على الجودة
مصنع للملابس الجاهزة بقرية المعنا في قنا تحول نشاطه لصناعة الكمامات الواقية بسبب أزمة فيروس كورونا، وتعمل بالمصنع 110 سيدات.
وتقول إحدى العاملات بالمصنع إنها تمارس عملًا يساعد في إنقاذ أرواح كثيرة وتعتز بنفسها حينما ترى أقنعة الوجه التي تصنعها توزع بأسعار مناسبة للمواطنين.
وتعمل السيدة في المصنع منذ افتتاحه في عام 2019 على مساحة 3 آلاف متر، والتحقت به في محاولة لتوفير دخل ثابت لأسرتها، لكن الضغوط الاقتصادية زادت في الآونة الأخيرة بعد توقف زوجها عن العمل مضطرًا، وتوضح: زوجي يعمل كسائق على سيارة أجرة وبعد تدهور الأوضاع بسبب كورونا منحه صاحب السيارة إجازة مفتوحة.
تصل السيدة الثلاثينية إلى المصنع في الثامنة صباحًا، وتنضم إلى عشرات النساء من جيرانها والقرى المجاورة، حيث تخضع لعدد من الإجراءات الاحترازية قبل البدء في العمل، من أجل الحفاظ على سلامتهم الشخصية.
وتلك الإجراءات تشمل: قياس درجة الحرارة للجميع أولًا، مع توفير الكمامات والقفازات الطبية وأكياس بلاستيكية للرأس والقدمين، ومنع أي سيدة مخالطة لحالة كورونا من العمل مع حصولها على إجازة 14 يومًا.
ولم تكن وتيرة العمل مستقرة بعد تفشي كورونا، فقد انخفضت معدلات شراء الملابس الجاهزة من المصنع، وتوقفت الماكينات الضخمة واضطروا إلى تخفيف العمالة.
ثم يعود إلى المصنع ضجيجه بخط إنتاج للكمامات الواقية، وفق المعايير الدولية، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بمصر، ومحافظة قنا إذ تقوم بتوزيعها على المواطنين بسعر التكلفة من خلال منافذها.
ومع بداية شهر إبريل الماضي، دارت عجلة الماكينات لإنتاج 200 قناع وجه فقط يوميًا، ثم استقبل المصنع عشرات من نساء القرية للحصول على تدريب لإنتاج الكمامات الواقية، حيث وصل عدد المتدربات الجُدد إلى 80 سيدة.
ولم يعد عمل النساء في صعيد مصر محل تهميش كما هو في السابق، ومساعدة عشرات الفتيات والسيدات في توفير أقنعة وجه خلال أزمة تفشي كورونا ساهم في تعزيز قيمة عملهن عند الأهالي وعدم التعرض لأية مضايقات.
وتقول العاملة: العمل ليس عيبًا، داخل المصنع عشرات النساء المكافحات، وخلف كل سيدة قصة مُلهمة، لذلك ينتابنا إحساس الفخر ونحن نعمل سويًا.
ومع الوقت زادت إنتاجية المصنع، صارت النساء تصنع نحو 10 آلاف كمامة يوميًا، ومن أجل ذلك اتخذت إدارة المصنع قرارًا بزيادة الورديات، الأولى من الثامنة صباحًا حتى الثانية ظهرًا، وأخرى من الثالثة عصرًا حتى الثامنة مساءا، مع مراعاة تعقيم المكان مرتين يوميًا.
وتمر أقنعة الوجه على مراحل عدة للوصول إلى الشكل النهائي، بداية من جمع الثلاث طبقات للكمامة، ثم تركيب دعامة من الناحيتين وتثبيت المرابط بها، فضلًا عن التعقيم بالبخار ثم تعريضها إلى أشعة فوق البنفسجية، وأخيرًا تغليف كل واحدة في كيس بلاستيكي قبل تجميعها في علب كبيرة.
وبحماس تنهمك عشرات النساء في أداء أدوارهن داخل المصنع، يكسرن جدية العمل بسرد مواقف طريفة لتعلو الضحكات بينهن.
وتتحدث السيدة القنائية بعفوية، مؤكدة أنها لا تُحب يوم الإجازة الذي تحصل عليه، تُشير إلى أنها تنتظر انتهاء يوم الجمعة بفارغ الصبر من أجل العودة إلى المصنع، وتقول: أتعلم هنا كل يوم شيء جديد، أشعر كأنني ولدت مرة أخرى.
تلك الروح السائدة داخل مصنع النساء في “المعنا” جعل القائمون عليه يضعون خطة لزيادة الإنتاج بصورة أكبر، إذ يجزم صاحب المصنع على قدرة العاملات في الوصول إلى 50 ألف كمامة يومية مع الحفاظ على الجودة.