بعد67 عامًا في كي الملابس.. داود عزت أقدم مكوجي بنقاده يرفض التخلى عن مهنته رغم متاعبها
بعد67 عامًا في كي الملابس
بعد67 عامًا في كي الملابس.. داود عزت أقدم مكوجي بنقاده يرفض التخلى عن مهنته رغم متاعبها
كتب: صابر سعيد
دكان العم داوود المكوجى صمد ما يقارب ٧ عقود من الزمان، دون أى تغيير فى النشاط أو شكل المبنى، حوله إلى قطعة من تراث الشارع النقادى، الذى اعتادت أجيالاً بعد أخرى رؤية و قصد المكان لكى ملابسهم خاصة المناسبات التى تستدعى نوعاً من الأناقة والوقار.
هنا فى مدينة نقاده، يتصدر مشهد دكان العم داوود المكوجى، مشهد الشارع بما يحمله من عتاقة إنشاء وبساطة المحتوي، حيث لا سبيل للتهوية سوي مروحة عفا عليها الزمن معلقة بسقف شهد علي تحدي وشقاء صاحب المكان، و قطع قماش مرصوصة علي أشياء متهالكة منثورة علي الأرض، ومساند خشب تحكي كل منها رواية زمن عاصره صاحب المحل وعاش أحداثه منذ ما يزيد عن 67 عامًا.
مشهد تظهر تجلياته للمارين بجوار “دكانة” المكواة القديمة، عندما تري خصل شعر صاحبها البيضاء وتجاعيد وجهه التي رسمت خريطة العيش والتشبع من خبرات الحياة، وجسد صامد يأبي أن تهزمه عثرات الزمن، يضرب بيده يمينًا ويسارًا علي قطع قماش ليجلب لقمة العيش من عرق جبينه لتحل له ما يأكله يمينه.
العم داود عزت، صاحب الـ 73 عامًا، رغم تقدم عمره إلا أنه ما زال يعمل في صنعته التي تعلمها منذ أن كان في السادسة من عمره لتظل معه لباقي مشوار حياته، ليصبح المكوجي الأقدم في صنعة قوة اليد والجلد و الكسب القليل.
” كنت لسه عيل صغير وشربت الصنعة” هذه أولي كلمات العم داود عزت، عن بداية رحلته مع صنعة المكوجي وكيفية تعلمها، حيث كان يعمل مع والده في منذ كان عمره لا يتجاوز الـ 6 سنوات و أتقن وقتها تعلم الكي الذي استمر إلي وقتنا هذا، ورغم قلة دخله أبي داود أن يعمل في مجال آخر غير مجال الكي الذي نشأ عليه وأصبح مصدر الدخل الوحيد له ولعائلته واستقر بدكانته المتواجد بها منذ أن أصبح شابًا يعتمد علي نفسه.
وقال العم داود عزت، إن سعر كى القطعة الواحدة، فى بداية عمله، لم يكن يتجاوز قرشًا واحدًا أي ما يعادل كي 300 قطعة في الوقت الحالي، وكان الإقبال علي محلات الكي ضعيفًا، حيث كان ينجز 5 قطع أو 9 قطع فقط في اليوم ولكن الأسعار كانت في متناول الجميع والسلع متاحة بأسعار رخيصة، فكيلو اللحمة لا يتعدي 7 قروش أو 8 قروش، ويعتمد في عمله علي كي الملابس من الجلاليب والبناطيل أيضًا بالنسبة للموظفين ويقبل علي المحل الأهالي من القري والمدينة لكونه الوحيد الخاص بالكي في المدينة.
وأوضح عزت، أن الصنعة اختلفت في الوقت الحالي عما كانت عليه في السابق، فكان اعتماده علي مكواة الرجل ومكواة اليد التي تسخن علي النار وما زالت تتواجد إلي اليوم، ثم طرأ علي المعدة وحولها إلي مكواة بخار ذات منضدة حديدة توضع عليها الملابس لعملية الكي، أما مكواة الرجل فكانت قطعة حديدة متصلة بخشبة فوقها ويد من الحديد متصل بالخشبة أيضًا تسخن علي النار ويضغط عليها الصانع برجله لإنجاز عمله بقطع الملابس الثقيلة مثل الصوف المستخدم في الجلباب.
وتابع المكوجي، رغم القوة العضلية التي تحتاجها مكواة الرجل إلا أنها أفضل من مكواة البخار و أوفر، حيث لا تتطلب مصاريف كثيرة مثل البخار كذلك تحافظ علي استهلاك الكهرباء ونفقاته التي زادت في الوقت الحالي، ولكن البخار أسهل في الاستخدام وأسرع في عملية الكي، وتماشيًا مع التطور تخلي العم داود عن مكواة الرجل وما زال يستخدم المكواة التي تسخن علي البوتاجاز ومكواة البخار.
ولفت العم داود، إلى أنه مع انتشار محلات الكي بالمدن وفي كل قرية تراجع الإقبال علي محله الذي يعمل فيه بفترة ما بعد العصر بدلًا من المكوث في المنزل الذي يجلب المرض علي حد قوله، ورغم ضعف العائد المادي وزيادة أسعار الكهرباء مقارنة بالسابق رفض داود رفع تسعيرة الكي قائلًا ” الناس كتر خيرها ومينفعش أزود أكتر من 3 جنيه.
تعليق واحد