صابر سعيد
محافظا” علي تراث الأجداد ومهنة قد قربت على الاندثار ، يجلس الشاب في وضع القرفصاء علي حصير من الحلفاء وسط جريد النخيل بمنزله ممسكًا بآلة تقطيع حادة تشبه الساطور وأمامه قطعة خشبية مثبتة علي الأرض للتقطيع عليها، وتزين أرجاء المكان أعماله المبتكرة المرصوصة علي حائط المنزل والموضوعة بجواره في شكل فني، تجذب انتباه الناظرين والمترددين على زيارته، إنه ” القفاص” في مدينة نقادة جنوب محافظة قنا.
أحمد بدوي، عامل حرفي في مهنة صناعة الجريد، ورث المهنة عن والده المعلم بدوي أقدم حرفيي المهنة في مدينة نقادة التي تشتهر بها، وكان يعمل بها آلاف الأسر قديمًا حتي قاربت علي الإندثار في وقتنا الحالي كنظيراتها من حرف يدوية مثل الفركة، وهي أقدم صناعة نسيج علي النول عرفتها الإنسانية، والفخار، وصناعة الحصر من نبات الحلفا.
“ولدت لقيت نفسي شغال فيها” هكذا بدأ أحمد حديثه عن العمل في مهنة والده وأجداده وهو يتذكر وقت إلتحاقه بالعمل فيها، حيث تدرب وساعد والده في مرحلة مبكرة من صغرة وأتقن الحرفة وصناعتها ومهاراتها من وهو ما يقوم به مع أبناءه وأبناء العائلة الملحقين بصفوف التعليم المختلفة، وجعل الشاب من الحرفة مصدر دخلًا له علي الرغم من الصعوبات التي يعاني منها في الوقت الحالي وتراجع الإقبال علي شراء منتجاتها وكذلك غلو الخامات.
وأوضح أحمد بدوي، أن حرفة الجريد لا تقتصر علي صناعة الأقفاص والأسرة فقط بل يمكن أن تطوع أشكال عديدة إذا كان الحرفي يمتلك مهارة في عمل ذلك، وهو ما يقوم به في الوقت الحالي، حيث استحدث أشكال جديدة وأعمال متنوعة مثل صناعة الأباجورة والستائر والكراسي المستخدمة في المقاهي والأسقف الزينة وغيرها من الأشكال غير التقليدية.
وأشار أحمد، إلي أن الأشكال الصغيرة مثل الأباجورة والمطفئة تستغرق وقتًا أطول من صناعة الكراسي والأسرة، فمدة عمل الأباجورة ربما يقارب اليوم حتي تصل إلي الشكل المطلوب، وتصنع بطلب من الزبائن ولكن يوضع منها عينات كنوع من الدعاية في المنزل ومكان العمل.
أما عن أسعار الجريد ومواسمه، أكد حرفي الجريد، أن أسعار الجريد تزداد في مواسم الصيف وتصل الـ 1000 جريدة إلي 1700 جنيهًا، وتتراجع في الشتاء حيث يصل سعر الـ 1000 جريدة 1000 جنيهًا بمعدل جنيها” مصىريا” للجريدة الواحدة أو أكثر، ويحصل الحرفيين عليها من النخيل المزروع بالقري أو من أماكن خارجها.
” أنا ببيع فن وتراث للناس” أكد أحمد، أنه يحافظ علي تراث خلفه الأجداد ويستمتع في صناعة أشكال جديدة ذات مدلول ثقافي وتراثي كنوع من الفن لا يقبل عليه إلا من هواه وأحبه، ولكن علي الرغم من ذلك لا يحصل العاملون في هذا المجال علي حقوقهم المشروعة ومنها تسكينهم في الأماكن المخصصة للحرفيين أو حصولهم علي نصيب منها في صحراء مدينة نقادة وأيضًا تحرير محاضر ومخالفات ضدهم.
وتمني أحمد بدوي، أن تلقي منتجاته رواجًا كبيرًا خارج مدينة نقادة وأن تسوق بشكل مستمر وبكميات أكبر حتي تتزايد فرص تشغيل العديد من الشباب والكسب الحلال لمقاومة غلاء المعيشة وتوفير متطلبات الأسرة والحياة.
تعليق واحد