إبداعنقادة

“أحمد سليمان” نصف قرن في حب صناعة “الفركة الفرعونية” بنقاده: تركت الدراسة لأتقن الغزل على النول

كتب: صابر سعيد

هنا لا صوت يعلو فوق صوت العمل الذي ورثه الآباء للأبناء، في حفرة صغيرة الارتفاع لا تصل للمتر الواحد تتواجد أسفل نول خشبي صنع خصيصًا لإنتاج “الفركة” وهي صناعة فرعونية اشتهر بها أبناء جنوب محافظة قنا منذ القدم، وجسم اعتاد علي الجلوس بتلك الوضعية لإنجاز مهمته في صمت والعودة إلي منزله راضٍ بما قسمه الله له، ففي منزل مبني من الطوب اللبن ذات ساحة أعدت أن تستقبل أرضها النول اليدوي ليمثل مصدر رزقا لصناع الحرفة التي قاربت علي الاندثار، يتواجد حرفيو النول.

يد تدفع قطة خشبية يمينا ويسارا لتتخلل الخيوط بعضها البعض وترسم ما سجلته الذاكرة آلاف المرات وما رأته العين من رسومات الشال الجديدة لتخرج في النهاية منتجا يدويا يصدر إلي دول أوروبا، صنع بأيدي نقادية من الصعيد الجواني.

منذ عصور الفراعنة:

فمنذ سنوات بدأ أحمد سليمان العمل في صنعة الفركة التي ورثها عن والده وجده، والتي امتدت من العصور الفرعونية إلي العصر الحديث وما زالت تقاوم أخر ما تبقي من آمال للبقاء، لتصبح المهنة التي تستر أهلها وتساعدهم علي مقاومة الحياة.

قال أحمد سلميان، حرفي فركة بقنا، إنه بدأ العمل في صناعة الفركة في المرحلة الابتدائية وبالتحديد في الصف الثالث الإبتدائي علي يد والده، حيث ترك الدراسة بعد فترة بالتعليم الإبتدائي ليتقن المهنة ويعرف أسرارها وأصبحت صنعة الفركة مهنته الأساسية إلي الوقت الحالي ومنذ أكثر من 50 عاما، ورغم سفره للعمل بخارج مصر إلا أنه عاد للعمل في الصنعة التي ساعدته في الكسب والإنفاق علي أسرته التي تتكون من 4 أبناء إحداهما طبيب بمستشفي الأقصر الدولي.

يوميات صانع الفركة:

ووصف سليمان، يومه المعتاد في الصناعة، حيث يصل إلي مكان العمل في الساعة الخامسة صباحًا ويبدأ في تجهيز الأدوات والإعداد قبل العمل علي النول اليدوي، ومن ثم الجلوس علي النول والبدء في إنتاج القطع التي تحتاج إلي حرفية ومهارة لإخراج المنتج النهائي الذي يطلب منه، ويعود للمنزل للراحة أو استكمال العمل في حالة عدم قدرته علي الراحة لإنجاز الشغل المطلوب.

وأوضح حرفي الفركة، أن الأدوات المستخدمة في صناعة الفركة عبارة عن النول الخشبي الذي يصنع جميع أجزاؤه من الخشب ويتم تركيبها بطريقة تجعلها قابلة للفك والتركيب، كما يستخدم في الصناعة خامات القطن المصري والكتان والصوف والحرير الذي يعد الخامة الأغلي من بين تلك الخامات المستخدمة في انتاج قطعة من الفركة، وتتعدد التصميمات بحسب ذوق الصانع وطلب المشتري، مضيفًا أن الصنعة شهدت تطويرًا عن السابق وتعليم عددًا من الشباب وكذلك اهتمام من قبل الدولة حيث زاد الدكتور حازم عمر، منذ أيام، مقر العمل وأثني علي العمل للنهوض بالصنعة والاستفادة للبلدة.

آمال الصنّاع:

“ياريت الشباب يتعلم الصنعة” بهذه الكلمات يكمل أحمد سليمان، صانع الفركة، حديثه عن صناعة الشال علي النول اليدوي ومناشدة الشباب بالعمل في تلك الصنعة التي من الممكن أن تمثل دخلا له في حالة احتياجه للعمل، قائلًا ” صنعة النول مثل أي شهادة لا تباع ولا ترهن ولا تتأجر، صنعة يحتفظ بها الشباب لنفسه ولو احتاج فلوس في أي وقت هينزل يشتغل”

وأشار أحمد سليمان، إلي أن أكثر المنتجات التي يقبل الزبائن علي شرائها منتجان الفبران، ويقبل السائحين علي شراء الصوف في وقت الشتاء لبرودة الجو في بلادهم، وكذلك يطلب الكتان في وقت الصيف بمصر لخامته الخفيفة، وتمني صانع الفركة أن تستمر الصناعة ولا تندثر من صناعات يدوية أخري وأن يتعلمها الشباب والأجيال القادمة للحفاظ عليها.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق
إغلاق