كتب: منى أحمد
وسط جدران عتيقة تشقق طلاؤها،تغطيها ثياب معلقة في شماعة ظهرت عليها علامات الزمن، يجلس أسفلها رجل بشرته سمراء، تقهقرت ملامحه، لطبيعة عمله الشاق لما يتطلبه من جهد بدني وقوة تركيز لإخراج كل من لديه من إبداع لإرضاء زبائنه من الأعيان واصحاب الطبقات الوسطى وغيرهم ،حتى أصبح العم محمد مدني في قوص أشهر ترزي في المحافظة لخبرة 50عامًا .
على ناصية شارع البطحة في قوص بمحافظة قنا، يقع محل العم محمد مدني، صاحب ال 72عاما، قضي منهم نحو 50عاما في خياطة الجلاليب الصعيدي، حتى أتقنها بأنواعها المختلفة، حتى اصبحت علاقته مع ماكينة الخياطة قوية لايفرقهما عن بعض سوى المرض .
بدأت رحلة “عم مدني” مع حياكة ” خياطة” الجلاليب الصعيدي البلدي،من عمر لا يتجاوز ال 22عاما مع والده حتي أتقنها وورثها منه،ليمر الزمن ويتجاوز الأبن شهرة وصيت والده .
يقول عم “محمد”، إنه فخور بمهنة حياكة الجلاليب الصعيدي لكونها مهنة عريقة شاهدة علي تراث الأجداد، مؤكدا أن مهنته تحافظ علي التراث وعراقته وانتمائنا لجزورنا.
وتابع الرجل السبعيني حديثه بأن ” الجلالبية الصعيدي” هي الزي الأكثر تميزاً لأبناء الصعيد، وأكثر ما يجسد ملامح الرجل الصعيدي بمختلف أنواعها، لكن الأشهر منها هو البلدي والإسكندراني والسوداني والافرنجي الذي انتشر في الاونة الاخيرة ، لافتا أن الجلباب السوداني يشبه البلدي، أما الإسكندراني يقع في منطقة وسط بين البلدي والافرنجي مع التطريز الممبز .
وتابع حديثه، أنه علي الرغم من إنتشار الملابس الجاهزة والأزياء المختلفة اإلا أن ” الجلالبية” الصعيدي ستظل صامدة وقوية والزي الغالب بدى الكبير والصغير في الصعيد، مشيرا أن أغلب زبائنه من كبار السن ويرجع ذلك لاعتماد الشباب علي الملابس الجاهزة من جينز وقمصان وبدل، ورغم ذلك فكل منهم يقتني زيه الخاص من الجلبال.
وعن أنواع الأقمشة التي يفضلها لابسي الجلباب الصعيد في قنا خاصة والصعيد عامة ، أفضلها ” الصوف، السموكل، المحلة والقطن “، أما التفصيلة ونوعبتها تختلف ما بين الجلالبية البلدي السوداني، والقفطان، والمزينة بالعراوي، والسكة الحديد، فكل منها لها جهد ومهارة وحرفية في الخياطة.
وعن أسعار الخياطة، قال إنه يتذكر أول جلباب قام بخياطته بـ “جنيهان” ، عندما كان سعر متر القماش لا يتعدي 25قرشاً ، أما عن أخر أجرة تختلف بحيب نوعية التفصيلة فتبدأ من 80 جنيه إلى 400 جنيه .