كتبت : منى أحمد
في ركن هادئ داخل محل بسيط في احدى شوارع مدينة قنا القديمة، في أركانه أدوات طباعة قديمة منذ الاحتلال الانجليزي لمصر، يحاول العم “دياب الجيزاوي” الحفاظ على ما تبقى من مهنة تجليد المصاحف والاناجيل ورسائل الدكتوراه.
مهنة تجليد الكتب وخاصة المصاحف والكتب المقدسة بالجلد والكرتون من المهن القديمة التي مارسها المصريون منذ مئات السنين، وكانت تمثل هذه الحرفة مصدر رزق للعديد من الأسر المصرية، إلا أنها اليوم بدأت تختفي تدريجيًا وتفقد بريقها في ظل التطور لآلات الطباعة، بالإضافة إلى بُعد القارئ المصري عن تجليد الكتب القديمة.
بدأ العم ،علي دياب الجيزاوي، وشهرته “علي الجيزاوي”، مهنة الطباعة والتغليف منذ 50عاما ، حيث قضي حياته بين الكتب والمجلدات والمصاحف والكتب المقدسة، ولا يعرف مهنة غيرها منتظرا زيائنه رغم قلتهم نظرا لتراجع الإقبال علي تغليف المصاحف.
يقول العم ” الجيزاوي” صاحب الـ 70عاما، إنه بدأ في مهنة تغليف المصاحف والاناجيل، منذ عام 1969م، في القاهرة، تعلمها منذ طفولته في مطابع الكتب المصرية، حتي انطلق لسوق العمل في تغليف وتجليد المصاحف حتي أصبح محترفا في المهنة.
وعن مواعيد عمله يوضح الجيزاوي، تبدأ من الساعة الثامنة من صباح كل يوم تتخللها راحة الظهيرة، ثم العودة إلى العمل في الخامسة مساء لاستكمال العمل.
وعن أدوات الطباعة ، يشير إلي أن جميع أدوات الصنعة التي يعمل بها، متوارثة من جيل الي جيل يرجع تاريخها إلي أيام الاحتلال الانجليزي بمصر، كما أنها عاصرت طباعة المنشورات ضد الانجليز .
في البداية أقوم فك الملزمات المتواجدة في المصحف والذي يصله في حالة قديمة ومنزوع الصفحات ، ثم ابدأ عملية الخياطة يدويا والتجميع مرة اخري، من خلال أدواته بقص الزائد من الغلاف وشد الجلد، وذلك يستغرق معه 3أيام حتي اكتمال جميع المراحل وجفاف المادة التي يتم وضعها لغلاف المصحف.
ولا يفكر “الجيزاوي” في شراء آلات طباعة حديثة بالمحل لغلاء أسعارها وأحتياجها الي خطوط إنتاج كبيرة لإعداد تزيد عن الف أو الفين كتاب، مؤكدا أن التغليف اليدوي هو الأفضل.
ويشير “الجيزاوي” أن حرفة ومهنة التغليف اليدوي ستندثر نظرا لتراجع الأقبال عليها منذ عام 2011 ، وضعف تقنية العمل الذي يكتفي بالأعمال السريعة دون الاعتمام بتفاصيل الحرفة أو الاهتمام بمتانة التغليف.
ويؤكد الجيزاوي أنه بالرغم من ضعف وتراجع الاقبال علي المهنة ، والعزوف عن التغليف اليدوي إلا أنه استطاع أن يعلم ابنائه حيث حصل ابنه الأكبر المتوفي علي شهادة الطب، وحصل اخر علي بكالوريوس تربية بينما حصل ثلاثة أخرين علي مؤهلات متوسطة.
“الحمدلله ربنا غنيها بالحلال ” بهذه الجملة اختتم العم “الجيزاوي” حديثه عن الصنعة المهنة دوام الصحة، وأن يرزقه الله بالرزق الحلال حتي يكمل مشواره في الحياة.