أبونا ومولانا
أخر الأخبار

قديسة جراجوس التي علمت أوروبا النظافة

رافقت القائد "موريس" إلى فرنسا لمساعدة الإمبراطور "مكسيمان" في إخماد الثورة الشعبية

كتب: مينا مهني

في أسرة قبطية لأبوين مسيحيين صالحين، نشأت وتربت قديسة، ذاع صيتها، في شتى ربوع العالم، على الأدب والأخلاق المسيحية بقرية جراجوس التابعة لمركز قوص جنوب قنا، وكانت تابعة لمدينة طيبة قديما، هي القديسة فيرينا، والذي باللغة القبطية ثمرة طيبة.

 القديسة فيرينا والعذارى

في عصر الملك دقلديانوس جندت الإمبراطورية الرومانية فرقتين من منطقة طيبة وهي الأقصر حاليا لتقوم بمهمة حماية حدود الإمبراطورية في أوربا، أحداهم كانت الكتيبة الطبية المكونة من 6600 جندي والتي ذاع صيتها حيث عرفت بشدة ولائها وشجاعة جنودها بقيادة القائد موريس من مدينة طيبة، وكانت مصر في ذلك الوقت ولاية رومانية تابعة للملك دقلديانوس وحدد دقلديانوس خط سير الكتيبة الطبية بقيادة القائد موريس إلى غرب أوربا لمساعدة الإمبراطور مكسيمان في إخماد ثورة شعبية بجنوب شرق فرنسا.

 ضمت الكتيبة الطبية بعض العذارى من القبطيات من أقارب القائد الذين كانوا يعدون الطعام ويقومون برعاية الجرحى وغير ذلك من الأعمال وجرت العادة في عصر الدولة الرومانية ان يأخذ القادة بعض من أقاربهم أثناء الحروب حيث يعتقد الكثيرون من المؤرخين بوجود صلة قرابة بين القديسة فيرينا والقائد موريس أبناء عمومة وكانت القديسة فيرينا أحدى الفتيات التي اختارها القائد موريس للانضمام للكتيبة وتحركت فيرينا مع الكتيبة الطبية عبر النيل حتى وصلوا إلى الإسكندرية وهناك استقلوا السفن الضخمة التي اتجهت شمالا حتى وصلوا إلى مقاطعة فالي جنوب غرب سويسرا بين الحدود الفرنسية والبلجيكية والسويسرية.

 إبادة الكتيبة الطبية

فى بداية الرحلة، قدم الإمبراطور مكسيمان، الكتيبة الطبية إلى مذبح الأوثان، حيث كانت الديانة الوثنية هي السائدة في ذلك الوقت، فظنه الإمبراطور انه لم يفهم طلبه فأشار إلى معاونيه أن يشرحوا له ولكن القائد موريس أوضح لهم انه هو وجنوده مسيحيون ولا يبخرون للأوثان فأصدر مكسيمان قرار باستثناء القائد موريس وان يأمروا بقية الكتيبة الطبية بالتبخير ورفض جنود الكتيبة الطبية فأبادهم جميعا وسميت المقاطعة التي قتل فيها الكتيبة الطبية على اسم القديس موريس وأصبحت مزارا لكثير من السياح اللذين يأتون من كل مكان في العالم.

 فيرينا في الكهوف

وعقب قتل أفراد الكتيبة الطبية الـ6600 سرح الأمير مكسيمان الممرضات المصريات اللاتي جائن مع الكتيبة الطبية وبعض من الفتيات عادوا إلى مصر وآخرين لم يعودوا ولم ترجع فيرينا إلى مصر ولكنها ذهبت إلى سولوتورن بسويسرا  وسارت في اتجاه جبال الألب السويسرية، واعتكفت في كهف ضيق بشمال سويسرا “الحدود بين المانيا وسويسرا” مع مجموعة من العذارى اللاتي قدمن معها من مصر، وكانت فيرينا تقوم بخياطة الملابس وتطريزها وساعدتها امرأة عجوز تسكن بجوار كهفها على بيع أعمال يديها لشراء الطعام ولوازم الحياة لها ولكل العذارى معها، وبدأ الأهالي يتعرفون عليها تدريجيا وبدأت فيرينا تتعلم لغتهم حتى أجادتها أجادة تامة.

 فيرينا تعلم النظافة

وانتهى حكم الملك دقلديانوس والأمير مكسيمان وبعد سنوات تولى الحكم الملك قسطنطين الذي اعترف بالمسيحية وأصبحت ديانة مسموح لمعتنقيها بممارسة طقوسها في الإمبراطورية الرومانية بعد منعها عشرات السنين

وسعت فيرينا عقب معرفتها بأهالي  المنطقة إلى خدمتهم من خلال معرفتها بالتمريض والتي كان عبارة عن مجموعة من الأسرار يتوارثها جيل لجيل ووظفت درايتها بفوائد الأعشاب واستخدامها كعقاقير لأمراض كثيرة في خدمة السكان المحليين وعلمتهم النظافة الجسدية بالاغتسال بالماء ، وقد توافد عليها بعض القريبين من الكهف الذي تعيش فيه للتعلم منها او لتمريضهم وكانت القبائل التي تعيش في هذه المنطقة لاتزال تعبد الأصنام وتشيد تماثيل متعددة للآلهة ولكنهم بعد أن رأوا فيرينا وإيمانها بدأوا يتطلعون إلى معرفة إلهها فعملت هي والعذارى على نشر تعاليم إيمانها المسيحي في تلك المنطقة.

لاحظت فيرينا ان سكان مدينة تسورت تساخ السويسرية لا يهتمون بالنظافة الجسدية فبدأت تتنقل بين منازلهم وتشترك في تنظيف مساكنهم وتضمد جراحهم وتعلمهم مبادئ الصحة العامة واستطاعت تلك الفتاة ان تغير عادات السويسريين وترفع لديهم الوعي الصحي والطبي وتعلمهم مفهوم النظافة.

وعندما بدأ يذيع صيتها بشكل كبير وآمن عدد كبير من الناس بتعاليم الديانة المسيحية، توحدت بعد ذلك في قلاية منفردة أي حجرة صغيرة للتعبد لمدة 11 عام.

وفاتها 

وانتقلت القديسة فيرينا إلى السماء في 1 سبتمبر سنة ٣٤٤م، عن عمر يناهز ٦٤ عاماً، ويعد هذا اليوم عطلة رسمية تحتفل فيه كافة المؤسسات الرسمية وأفراد الشعب السويسري بإقامة المعارض والحفلات الموسيقية وزيارة الأماكن التاريخية التي ترتبط بالقديسة المصرية، وتحتفل الكنيسة القبطية بعيد نياحتها يوم 4 توت من كل عام.

شهداء أجونام

وتعد أول وثيقة عن الكتيبة الطبية كانت الوثيقة التي كتبها “يوخاريوس الليونى ” أسقف ليون سنة 450 م. وحسب هذه الوثيقة انه في القرن الرابع الميلادي في عهد الحكم المشترك للإمبراطورين مكسيمان ودقلديانوس تشكلت الكتيبة الطبية ثم يورد عددا من القصص المنقولة عن شهداء الكتيبة، ويكتب عن زيارته للمكان الذي شهد استشهاد كل أفراد الكتيبة.

وتقول الوثيقة عن بعض الروايات ان الكتيبة الطبية انتقلت من طيبة إلى مدينة أجونام مدينة بسويسرا وحاليا اسمها مدينة سان موريس، في جنوب غرب سويسرا. وقد أمر الإمبراطور أعضاء الكتيبة بتقديم الذبائح للآلهة والتبخير قبل الهجوم، فرفضوا إطاعة الأمر، فأمر الإمبراطور بقتل عُشر الفرقة لإرغام بقيتها على طاعته، وعند ذلك تزايد حماس بقية الفرقة للتمسك بالإيمان المسيحي، غضب الإمبراطور وأمر بقتل عُشر المتبقيين، ثم ازداد الإمبراطور هياجا وأمر بإبادة الكتيبة الموجودة بأجونام، وتعقُّب بقية كتائب الفرقة الطبية في مواقعهم بسويسرا وإيطاليا وألمانيا.

 أيقونة القديسة فيرينا

وتحتفل مدينه تسورتساخ بزيورخ بمقاطعة أرجاو بسويسرا في الأول من سبتمبر من كل عام بذكرى نياحة القديسة فيرينا التي يوجد بها العديد من المزارات التاريخية والتي سميت باسمها مثل بئر فيرينا في سولوتورن ومياه فيرينا في بادن وأقيم قبر لها وأصبح مزارا.

 رسمت أيقونة القديسة فيرينا وهي تحمل مشط وجرة ماء في يديها وهذا للدلالة على طبيعة خدمتها والعمل التي كانت تقوم به واختارت مقاطعة زيورخ بسويسرا شعارها وختمها الرسمي ثلاث صور من أبطال هذه الكتيبة الطبية وهم ” فيلكس، ريجولا أخته، أكسيبر أنيتيوس ” وهم يحملون رؤوسهم تحت أذرعتهم، وبنيت فوق المقبرة التي تضم جسدها كنيسة في مدينة تمبورتاخ بسويسرا، وعند منتصف الجسر المقام على نهر الراين بين سويسرا وألمانيا يوجد لها تمثال وهي تحمل جرة بها ماء، ويبلغ عدد الكنائس التي تحمل اسمها في سويسرا وحدها 70 كنيسة وفى ألمانيا 30 كنيسة.

كما لها في مدخل حديقة السفارة السويسرية، التي تقع في شارع عبد الخالق ثروت في وسط القاهرة التمثال بالحجم الطبيعي يمثل امراه جميله وتمسك في يدها قارورة الطيب وباليد الأخرى مشطا ونقش على قاعدة التمثال عبارة علمت سويسرا النظافة وعلمت فتياتها العفة والطهارة.

رفات فيرينا

في عام 1986، أحضر وفد من كنيسة القديسة فيرينا بزيورخ بسويسرا، جزء من رفات القديسة فيرينا لمصر، وفي 22 فبراير 1994 قام قداسة البابا شنودة الثالث بتدشين كنيسة القديس موريس والقديسة فيرينا بمبنى أسقفية الخدمات بالأنبا رويس، وفى 1 سبتمبر 2012 قام أبونا أرسانيوس بإحضار جزء من رفات القديسة فيرينا من سويسرا.

 رفات الكتيبة الطبية

ويقول القمص بيشوى بسيط راعى كنيسة مار جرجس والفرقة الطبية بجراجوس، وسكرتير لجنة العلاقات العامة بالمجمع المقدس، إن الأنبا بيمن أسقف نقاده وقوص ،تسلم في أكتوبر 1998 جزء من رفات القديسة فيرينا ابنه قرية جراجوس من الكنيسة الرومانية الكاثوليكية بسويسرا بوثيقة صادرة عنها معتمدة ومختومة، وسعت الكنيسة بجراجوس لإعداد مزار يليق بها وتم إيداع رفاتها بمقصورة داخل الكنيسة، في نهاية شهر نوفمبر عام 1999، واتخذت الكنيسة هذا التاريخ لأقامه نهضة روحيه سنوية يشهدها العديد من الأساقفة بالمجمع المقدس الاحتفال والصلاة ويقام احتفال شعبي ودينه كبير يستمر ما يقرب من عده أيام.

وأضاف القمص بيشوى، في عام 2003 حضر الأنبا تاوضروس الأسقف العام بالبحيرة، إلى قرية جراجوس وشارك في النهضة الروحية، التي تقام في ذكرى نياحتها والذي أصبح الآن قداسة البابا تاوضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.

ويتابع القمص بيشوى، في ديسمبر 2010 أحضر الأنبا بيمن رفات القديس موريس من دير القديس موريس في سويسرا، لكنيسة مار جرجس والكتيبة الطبية بجراجوس وحضر عدد من مجمع كهنة الأقصر واستلموا جزء من رفات القائد موريس ليوضع بكنيسة السيدة العذراء مريم بمطرانيه الأقصر للأقباط الارثوذوكس، ثم نقلها لكنيسة القديس موريس بمدينة طيبة الجديدة، وتم وضع الجزء الآخر في كنيسة مار جرجس والفرقة الطيبيه بقرية جراجوس، التابعة لإيبارشية قوص ونقادة.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق
إغلاق