“الشارع القنائي” ينشر خريطة التسول في المحافظة.. “الحاجة للعلاج وتذاكر السفر” أبرز الحيل و”ضرب الودع” طرق جديدة بالقرى
كتب: أحمد القواسمي، عبد الرحمن الصافي، سمر سليمان، مينا مهنى
“التسول مهنة من لا مهنة له”، والتي أصبحت ظاهرة من أكثر الظواهر السيئة المنتشرة في مجتمعنا القنائي، فلا يخلو شارع أو ميدان أو سوق أو موقف سيارات من المتسولين.
ففي الوقت الحاضر، ليس “التسول” للعوز والاحتياج عند بعض الأشخاص؛ ولكن أصبح “مهنة” لجمع الأموال والكسب على حساب المواطنين، ومن الملاحظ أن ظاهرة التسول تزداد في شهر رمضان؛ حيث يستغل المتسولون ميل المسلمين إلى فعل الخير والإحسان مما يمكنهم من جمع أكبر قدر ممكن من الأموال، الأمر الذي دفع الأجهزة المعنية بمحافظة قنا اليومين الماضيين بقيادة اللواء أشرف الداودي محافظ قنا للتصدي لظاهرة التسول، وإصدار قرار لمنع انتشار المتسولين في الشوارع.
ورصد “الشارع القنائي” بعض هؤلاء المتسولين، وأبرز الحيل والأساليب التي يستخدمونها، وأماكن انتشارهم بمراكز محافظة قنا.
مدينة قنا
تقول ياسمين غريب، من أهالي مدينة قنا، إن شوارع المحافظة امتلأت بالمتسولين، وخاصة الأطفال، حيث يقومون بالمشي لمسافات بعيدة لأخذ أي شيء من المارة بالشوارع، مما يصيبنا بالذعر وتقييدنا أثناء سيرنا، وهذا ما يجعلنا غير آمنين أثناء سيرنا في الشوارع.
ومن أبرز الاماكن في مركز قنا التي ينتشر فيها المتسولون ميدان الدولفين، ومواقف السيارات، خاصة موقف نجع حمادي.
مدينة أبوتشت
يؤكد المهندس عبد الرازق حسين، أحد شباب أبوتشت، أن ظاهرة التسول تنتشر بشكل كبير في شوارع مدينة أبوتشت، وخاصة في موقف سيارات الأجرة، وفي السوق، وفي المنطقة الممتدة من مستشفى أبوتشت، وحتى المدرسة الإعدادية التي تقع وسط المدينة، أي في الشارع الرئيسي بالمدينة طريق “الزرايب – أبوتشت”، هذا إلى جانب العيادات والمحلات والصيدليات، مطالبا بالتعرف على أسباب هذه الظاهرة وإيجاد حلول جذرية وحاسمة لمكافحة هذه الظاهرة التي لها آثار سلبية وخطيرة على مجتمعنا القنائي.
وتابع “حسين” أن أشكال التسول في مركز أبوتشت تنوعت، فتجد المتسول يستعطف المواطنين ببعض عبارات الاستعطاف، مثل “معي طفل تعبان ومريض”، أو” عندي مريض في المستشفى وعاوز أجيبله العلاج” أو “زوجي متوفي وعاوزة أشتري طعام لأولادي”، مؤكدا أن هؤلاء المتسولين ليسوا محتاجين، إنما أصبحت مهنة يومية لهم من أجل جمع المال، والنصب على المواطنين.
وتضيف سوسن أبوالوفا، إحدى فتيات مركز أبوتشت، أن المتسولين يستخدمون أساليب وحيل للنصب على المواطنين، موضحة أن منهم من يدعي أن عنده مرض أو قطع في يده، ومنهم من يلجأ لعرض بضائع خفيفة مثل المناديل الورقية التي يقوم بعرضها للبيع بأسلوب المتسولين، مثل “ساعدوني واشتروا مني لأني مريض”، وهناك رجال يمكثون في بيوتهم، ويخرجون زوجاتهم للتسول.
وتشير “أبوالوفا”، إلى أن أبرز الأماكن التي ينتشر فيها المتسولون بكثرة بمدينة أبوتشت عند موقف سيارات الأجرة، وفي المستشفيات، وأمام المساجد، والمصالح الحكومية كالبنوك ومكاتب البريد، ويقلون في المحلات والصيدليات، مؤكدة أنها عندما كانت تعمل في الصيدلية كان المتسول يأتي إليها ومعه كيس “نقود فكة” لتصحيح حصيلة ما جمعه في اليوم من عمله في التسول، مؤكدة أن التسول أصبح مهنة يومية للمتسولين تدر عليهم مبالغ مالية كبيرة من خلال النصب على الناس.
فيما أعربت ثناء ضمراني، مدير وحدة حماية الطفل بأبوتشت، عن استيائها من هذه الظاهرة، لافتا إلى أن هذه الظاهرة سلبية ومن المظاهر التي تسيء للوطن والمجتمع، مضيفة من أراد أن يتصدق فليذهب إلى الجمعيات الخيرية التي تدل على الفقراء والمساكين المستحقين، مؤكدة أن دور الوحدة يشمل رصد حالات التسول، وعمل محاضر لهم، وتسليمهم للشرطة، وذلك من خلال تشكيل لجنة برئاسة رئيس الوحدة المحلية وعضوية كل من عضوين من التضامن الاجتماعي، أحدهما ممثل عن الدفاع الاجتماعي والآخر عن قسم الضمان، ومسئول حماية الطفل، وعضو من إدارة المتابعة بالوحدة المحلية لمجلس المدينة.
مدينة نجع حمادي
يطالب عوض علي، من أهالي نجع حمادي، الأجهزة الأمنية بضرورة التصدي لمواجهة هذه ظاهرة التسول، خاصة أنهم يقوموا بتسريد الأطفال للتسول في الشوارع والميادين العامة، وفي ظل ما تشهده المحافظات من ظاهرة خطف الأطفال لاستغلالهم في عملية التسول.
ومن أبرز الأماكن التي ينتشر فيها المتسولون في مركز نجع حمادي، منطقة الشادر، وشارع بنك الإسكندرية، وميدان العروسة وذلك كالتالي:
البداية في منطقة الأوقاف، حيث محط عدد من السيارات القادمة من قرية هوّ ومدينة الألومنيوم، فلا تكاد أن تنزل من السيارة إلا وتسمع سيدة من ضمن المتسولين، تستعطف المارة، بعبارات الدعاء لهم ولأبنائهم، وللبنات بـ “ابن الحلال”، ما إن تنزل من السيارة، تجد تلك السيدة التي تتجاوز الأربعين عاما، والتي تمتهن التسول، ترتدي عباءة سوداء كما تغطي وجهها ورأسها بـ “طرحة”، لا تكاد ترى منها حتى عينها.
على بعد أمتار من تلك السيدة، بامتداد الشارع، من ناحية المدارس الأزهرية بجوار المحطة، تجد سيدة عجوز أخرى، أمام إحدى تلك المدارس، وفي المقابل منها، بالقرب من البنك الأهلي تجد سيدة أخرى.
وإذا دخلت محطة القطار، حين يقترب موعد وصول أحد تلك القطارات، تجد رجلا يحمل طفلة صغيرة، ينتظر وصول المسافرين لاستعطافهم، والتسول منهم، وفي الساعات الأولى من الصباح، ما بين الثامنة والتاسعة، لطالما ترى ذلك الرجل يطعم تلك الطفلة الصغيرة، داخل محطة القطار، بـ “سندوتشات الفول والطعمية”؛ استعدادا ليوم عمل شاق.
ومن منطقة المحطة إلى الشارع الرئيسي بنجع حمادي، حيث توجد أماكن مخصصة لكل واحد من هؤلاء ممن امتهنوا التسول، أولها بالقرب أحد محلات الحلويات الشهيرة حيث تنتظر المتسولات خروج الزبائن للحصول على “الفكة”، وفي منتصف الشارع، أمام أحد محلات البصريات، عجوز يستند على إحدى السيارات، يعقبه بأمتار سيدة تجلس على الرصيف.
وما بين هذا وذاك، تجد شابين وسيمين، يطوفان المدينة غالبا ليلا، إما يحملان المبخرة أو يستند أحدهما على الآخر بحجة أنه مريض يحتاج لتوفير تكلفة العملية، فكلها حيل متجددة للتسول من المواطنين.
وفي شارع بورسعيد، بمدينة نجع حمادي، وبالتحديد بالشارع الممتد خلف المسجد العتيق، تجد سيدة وطفلة، افترشتا الطريق وتستهدف المارة، بخلاف تلك التي تجلس في مدخل موقف سيارات الميكروباص بقرية بهجورة، والمترددين على المقاهي.
مدينة الوقف
يستهدف المتسولون، في مركز الوقف، المرور على المنازل بحجة الكشف عن الأعمال والسحر والشعوذة لأهالي المنزل، ومن أبرز الأماكن التي يتواجدون بها مدخل معدية دشنا والوقف، وسوق الإثنين بالوقف.
ومن جانبها تقول حسناء محروس، إحدى سيدات مركز الوقف، إن هناك مجموعة كبيرة من السيدات انتشرت في مراكز محافظة قنا وخاصة في مواقف السيارات، حيث تقوم السيدات بالاتجاه نحو السيارات المحملة بالأهالي لممارسة أعمال التسول الأمر الذي أحزننا على ما يحدث في المحافظة من انتشار هذه الظاهرة بها.
مدينة دشنا
بينما ينتشر المتسولون في مدينة دشنا بمناطق وشوارع متعددة، ما بين استغلالهم لأطفال أو التسول بمفردهم كالتالي:
المنطقة الأولى، التي يتواجد بها المتسولون بجوار مزلقان المركز بدشنا، حيث تجلس سيدة تقترب من شريط السكة الحديد، خاصة في أوقات الظهيرة حيث يكثر عودة الموظفين والطلبة الأمر الذي يساهم في ازدياد حصيلة التسول اليومية.
وفي المنطقة الثانية، يتواجد رجل يستعطف المارة بشارع المزارع، وبالقرب من بنك مصر، لمساعدته في علاج طفلته التي يغطى وجهها بقماش أبيض.
وفى المنطقة الثالثة، يتواجد مسن يتسول يومي الأحد والجمعة فقط بالقرب من كنيسة مار جرجس بدشنا، ويسكن خارج المدينة ويأتي إليها للتسول فقط.
وفي المنطقة الرابعة، تتواجد سيدة تتسول ومعها أطفال، وتبيع بعض الألعاب البسيطة والحلويات بجوار سور السكة الحديد بالعزايزة.
وفى المنطقة الخامسة، تقف سيدة تنادي على المارة في شارع الوحدة المحلية لدشنا، لتستعطيك بتقديم المال بعد أن تحكي لك قصة عن معاناتها في علاج زوجها.
والمنطقة السادسة والأخيرة، محطة قطارات السكة الحديد، حيث تظهر أطفال تتسول، وتطلب منك المال بحجة أنه لا يملك النقود لشراء احتياجه من المأكولات، وتتراوح أعمار هؤلاء الأطفال ما بين 7 سنوات إلى 10 سنوات قبل وصول القطارات.
فيما أوضح يوسف مصطفى، صاحب مطعم بمركز دشنا، أنه في بعض الأحيان يقوم بتقديم وجبات للأطفال المتسولين لأخذ المبالغ المالية “الفكة” منهم وتصحيحها، وذلك لعدم وجود الأموال الفكة في المطعم، واحتياجه لها كثيرا.
قرار المحافظ
كان اللواء أشرف الداودي، محافظ قنا، قد أصدر القرار رقم ٢٨٨ لسنة ٢٠٢١، يتضمن تشكيل لجنة في كل مركز برئاسة رئيس الوحدة المحلية، وعضوية كل من عضوين من الإدارة الاجتماعية، أحدهما ممثل عن الدفاع الاجتماعي، والآخر عن قسم الضمان، ومسئول حماية الطفل، وعضو من إدارة المتابعة وتقييم الأداء بالوحدة المحلية للمدينة.
وأوضح محافظ قنا، أن اللجنة سوف تختص بالمرور اليومي على شوارع المراكز والمدن والقرى؛ لمنع ظاهرة انتشار المتسولين، واستغلال الأطفال في أعمال التسول، مع اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة ضدهم وإعداد تقرير يومي بأعمال كل لجنة وإرساله إلى إدارة الأزمات بالمحافظة.
وأشار “الداودي” إلى أن التسول ما هو إلا ابتزاز يرتدي عباءة الاسترحام، وينشط التسول في مثل هذه الأيام الفضيلة التي يجدها المتسولون فرصة لاستغلال عطف المواطنين عبر عدد من الميادين والإشارات مما يسيء للواجهة الحضارية لمحافظة قنا، علاوة أن بعض المتسولين يتخذون من التسول تجارة لجمع ثروات من المواطنين عبر استعطاف الأهالي بقصص وهمية.