دفتر أحوال

“من يؤتمن على العرض لا يسأل عن المال” ليس في قنا.. هنا “العروسة زي بنت عمها”

كتبت: منى أحمد

أثارت صورة تنازل أب عن قائمة المنقولات الزوجية لابنته بالدقهلية، مكتفيا بعبارة ” من يؤتمن على العرض لا يسأل عن المال.. اتقي الله في كريمتنا”، ضجة كبيرة، وجدل واسع على صفحات التواصل الاجتماعي، ” فيسبوك “، بين مؤيد للفعل ومعارض، بدعوى تفريط والدها في حق ابنته العروس، خاصة في الصعيد ومحافظة قنا، التي تعتبرها عادة أصيلة لا يمكن التفريط فيها.

توجه “الشارع القنائي” للمواطنين، بسؤال حول تصرف الأب، وهل من الممكن تطبيق ذلك في المجتمع الصعيدي والقنائي، المتمسك بعاداته وتقاليده في الزواج، التي لم تتغير عبر سنوات.

العروسة زي بنت عمها

بهذه الجملة توضح اعتماد محمود، ربة منزل، أن للصعيد عادته وتقاليده المتأصلة فيه، عبر عقود من الزمان، وهي طقوس اعتدنا عليها وتوارثناها عن آبائنا وأجدادنا، ومنها كتابة “القايمة” والتي تحتوي على كل أثاث المنزل لضمان حقها، وهو العرف السائد بين العائلات ولا يمكن التفريط فيه، حتى تشعر العروس بالمساوة مع أقاربها.

النفوس بتتغير

ويؤكد علي إسماعيل، موظف بالمعاش، أنه لا يقبل ذلك لابنته لعدة أسباب ومن أهمها انهيار المبادئ والأخلاق عند الشباب، خاصة في ذلك الزمان الذي قلت فيه الأصول وتقلبت النفوس، مؤكدا على أخذ كل الضمانات التي تحمي حقوق ابنته وخاصة قائمة المنقولات.

كل واحد يأخذ حقه

يشير مصطفي يونس، شاب عشريني، إلى شق إيجابي وآخر سلبي في ذلك التصرف، إذا تم تطبيقه في الصعيد، فيرجع الشق السلبي إلى ازدياد نسبة الطلاق للمتزوجين حديثا، رغم وجود قائمة المنقولات ولجوء الزوجات إلى المحاكم لاسترداد حقوقهم، متسائلا ماذا إذا لم تكون هناك قائمة منقولات تضمن حقها، أما الشق الإيجابي فهو إنقاذ زواجات كثيرة من الفشل بعد وقوع خلافات على القائمة، وهو حل لعدم الاختلاف بين الطرفين.

وأضاف، من وجهة نظري كشاب مقبل علي الزواج، أتمنى الوسطية وعدم الإفراط في كتابة المنقولات الزوجية التي تصل إلى 300الف جنيه، على أن يكتفي فقط بكتابة ما تشتريه العروس لمنزل الزوجية فقط.

لا نعيش في المدينة الفاضلة

ويشدد أحمد عبده أبو ادم، أحد الأهالي، رفضه لتصرف الأب، مؤكدا أننا لا نعيش في المدينة الفاضلة، وأن للصعيد عاداته وتقاليده التي لا يمكن تبديلها أو إضافة جديد عليها.

رأي الدين

يؤكد عبد الناصر الأزهري، واعظ عام في الأزهر الشريف، أنه ضد هذا التصرف، لما فيه من تضييع لحق الفتاة، في زمان غابت فيه الضمائر وضاعت فيه الذمم وتبدلت فيه القيم وتغيرت قلوب العباد إلا ما رحم ربى.

وتابع، رفضي للفكرة عن تجربة حقيقية عاصرتها بنفسي، وقد وقع فيها ظلم بين، على من خانته المثالية المغلوطة، وأدعو والد العروسة لحفظ حقها، وعدم ضياعه لمثالية ربما تكون زائفة، وأقول يمكن لوالد العروسة تخفيف المهر وتيسيره والترفع عن الكماليات، وعدم كتابتها في القائمة، ويمكنه أيضا كتابة قائمة بغير مغالاة.

وتابع أنه يمكنه أيضا أن يساعد زوج ابنته في تجهيز شقته أو أن يسمح له أن يعيش في بيت عائلي مع أسرته، دون تقييده بشقة خاصة مثلا، ولكن ضمان حق البنت هذا شرع ودين وربما يفرط فيها بسهولة، إن كان من غائبي الضمير والرجولة كما تزوجها بسهولة فيكون ذلك ظلم للعروسة.

ويوضح، أن قائمة المنقولات هذه دين لابنتك على زوجها، وقد أمرنا الله بتوثيق الديون والحقوق قال تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ)) هذا والله أعلم.

القانون يوضح

ويبين إسماعيل سلاوي، محامي، أن قائمة أعيان الجهاز أو ما يسمى قائمة المنقولات الزوجية لها مفهوم تاريخي، قائلًا، إن القائمة ظهرت في أدبيات الفقه والعادات والتقاليد اليهودية، فيما يسمى (الدوطة) وهي عبارة عن هدية من المال أو من الذهب يعطيها أهل العروسة للعريس كمساهمه منهم في تكاليف الزواج.

وتابع: نظرا لأن الشريعة اليهودية أساسها سماوي، فأن الأساس الشرعي للزواج هو قيام الزوج بكل تكاليف الزواج، وتأسيس منزل الزوجية وما يستتبع ذلك من مهر مقدم من الزوج للزوجة، ومن حيث المبدأ فأن ما يقدمه والد العروسة يأخذ حكم الهدية أو حكم الهبه، ولكن هذه الهدية أو الهبه مشروطه باستمرار العلاقة الزوجية.

ويكمل المحامي، أخذ المصريون عن اليهود هذه العادة وصارت عرفا وليس شرعا، فلا نجد أساس شرعي لها لقيام العلاقة الزوجية في الدين الإسلامي، تحولت القائمة من عقد مثبت لهديه أو هبه إلى صور أخرى حسب كل مجتمع وكل محافظة، فنجد من لا يزال يتحرى الحلال والحرام والذي لا يغالي في كتابه القائمة، بل يقتصر المدون فيها على حقيقة ما، وهبه أهل الزوجة وما قدم من الزوج كمهر لها فقط.

ويشير إلى أن هناك من يتخذها وسيله من وسائل التباهي أمام الأقران أو دليل على غلاء العروس عند عريسها، كما يوجد من يتخذها سلاح ضد الزوج في حالة استعماله لحقه الشرعي سواء في إيقاع الطلاق أو اتخاذ زوجه أخرى، فخرجت بهذا القائمة عن الغرض الأساسي الذي من أجله شرعت.

ماذا يحدث في حالة عدم وجود قائمة بيد الزوجة أو ضياعها

يوضح المحامي. أن قانون الأسرة المصري أتاح للزوجة أن تقوم برفع دعوى على الزوج لتقدير قائمه أعيان جهاز، وهنا يقوم القاضي بتقدير القائمة حسب حالات المثل وظروف الزمان والمكان، ولكن بعد أن يتحقق ويتأكد أن أهل الزوجة طبقوا الأعراف المتعارف عليها مجتمعي، بتقديم الهدية للزوجة سواء أكانت مقولات أو مصاغ ذهبي.

ومن وجهة نظره الشخصية، يرى أن القائمة لا تخالف الشريعة الإسلامية، بل هي تطبيق حرفي لمبدأ أن العقد شريعة المتعاقدين، ولكن لا بد من إلغاء تطبيق قانون العقوبات على الزوج في حالة الخلاف على.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق
إغلاق