بروفايل

من برج إيفل لحجازة قوص.. “ميشيل الراهب” ينتظر رحلته الأخيرة

ميشيل: كورونا تمنعني عن زيارتي الأخيرة لفرنسا والعودة لمدفني بجوار أصدقائي بقوص

كتبت: منى أحمد

أيام وشهور وسنوات، حصد خلالها الكاهن الفرنسي ميشيل، حب زرعه على مدار 40 عاما، ليصبح واحدًا من أبناء قرية حجازة قبلي، بمركز قوص، جنوبي محافظة قنا، ليتعايش معهم ويلتف حوله الجميع، مكملًا مسيرة صديقيه الفرنسيين “بطرس أيون وفرنسوا جيو” بعد أن وجدوا ضالتهم واستقرا في القرية التي افتقدت وقتها لأبسط الخدمات حتى كافئهم القدر بالموت على أرض القرية، التي أحبوا العيش فيها ودفنوا على أرضها بدير مسيحي يبعد مسافة 2 كيلومتر، عن المركز الذي إنشاؤه لتدريب شباب القرية على فن النحت على الخشب.

شارع العميرات بقرية حجازة قبلي بمركز قوص، شاهد على قصة عشق لا تنهي مع 3 من الرهبان الفرنسيين، وهم “فرانسوا وبطرس وميشيل” بعد أن قضوا ما يقارب من نصف قرن على أرضها، وأصبحوا من أهلها وسط مودة وصلة رحم، ليكمل ميشيل مسيرة الراهبان بعد رحيلهما عن الحياة ودفنهما على أرض حجازة، بعد أن أقاموا مدرسة لفنون النحت والتي تخرج منها مئات الشباب المسلم والمسيحي، الذين قاموا بتنفيذ وصيتهم ودفنهم في القرية وعدم الإصغاء لمطالب أهلهم بدفنهم في فرنسا.

يقول الراهب ميشيل، صاحب الـ83 عاما، إنه في عام 1979 سافر كل من بطرس وفرنسوا إلى مصر، بحثا عن مدينة فقيرة يقدمان الخدمة لأهلها حتى وجدوا قرية حجازة قبلي بمركز قوص في محافظة قنا، وسكنا في بيت صغير يتبع كنيسة القرية، ليوجها طاقتهما لتعليم أطفال وشباب تلك القرية فنون مختلفة، من النحت على الخشب والذي ميز حجازة عن قري الصعيد وأصبح مركز التدريب بها مركزا للتصدير قبل أن تواجه شبح الاندثار حاليا.

ويتابع الراهب الفرنسي: “نعيش حياة عادية وسط الناس، حيث وصلت إلى مصر عام 1974وعملت طول حياتي المهنية في المعهد الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة، وتعلمت المهنة واللغة العربية في لبنان”.

ويضيف ميشيل، كنا نحلم أن نعيش في قرية بالصعيد، وبعد تفكرينا في البحث عن مكان نعيش فيه، لجئنا إلى جمعية، وأخذتنا في جولة تفقدية بقرى الصعيد ووصلنا إلى حجازة مع مطران الأقصر، حيث رحب بالفكرة ورشح لنا قرية حجازة لرغبته في تطويرها وتعليم الشباب المهنة وتعليم الأطفال الرسم والنحت.

ويوضح الراهب الفرنسي، أن يومه يبدأ بالمشي في الصباح المبكر على الترعة والزراعات، وبعدها أداة الصلاة وشراء متطلبات المنزل، والذهاب إلى السوق وشراء الخضروات والفاكهة ثم العودة لقضاء بعض الأعمال المنزلية، واللعب مع الأطفال وزيارة الجيران والوقوف معهم في الأفراح وواجب العزاء.

يقول الراهب الفرنسي، إن بطرس توفي عام 2005، ولحق به فرانسوا عام 2008، مؤكدا أنه في آخر أيام بطرس كان بجواره بالمستشفى، وأوصاه بدفنه في حجازة كذلك فرانسوا أوصى بدفنه في حجازة، وبالفعل تم دفنهما في دير بحجازة لعشقهما الكبير للقرية.

وتابع ميشيل حديثه، “كنت مترددا على حجازة وأحبتها رغم عملي في المعهد الفرنسي للآثار، وبعد خروجي على المعاش طُلب منى التمديد، ولكنني رفضت وقررت العودة إلى حجازة، لحبي لها وارتباطي بشباب القرية”.

وعن حبه للغة العربية، يقول الراهب، إنه عمل في مراجعة الترجمات من العربي إلي الفرنسي ومن الفرنسي إلي العربي.

ويشير ميشيل، إلى أنه يتم تنظيم معارض لأعمال النحت على الخشب، في معرضين، وهما معرض في اخميم ومعرض آخر في حجازة، فضلا عن بعض المبيعات الفردية، أما التصدير لدول الخارج فقد بدء مؤخرا مع شاب تدرب علي يد بطرس وأصبح صاحب ورشة يعمل بها أكثر من 20عامل تصدر أعماله إلى معارض الدول الأوربية.

وعن العيش في حياة القرى وترك فرنسا، وهي من أجمل دول العالم، يقول ميشيل، إنه من ريف فرنسا وابن رجل عامل بسيط، كانت لديه أراضي زراعية يعمل بها من صغره، مرددا ” أنا اعمل في الغيط وتعودت عليه لذلك حبيت حجازة بعد ما شاهدت عادات وتقاليد أهل القرية التي لم أجدها في القاهرة وحياة المدن “.

وعن بلده ومسقط رأسه، يقول ميشيل إنه لم يزور فرنسا منذ 4 أعوام، لافتا أنه يفكر في السفر اليها العام القادم بعد تحسن ظروف كورونا، لتكون الزيارة الأخيرة لها ليعود إلى وطنه الثاني وعشقه الأول حجازة، مختتما حديثه ” عايز أموت وادفن هنا في حجازة”.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق
إغلاق