الرزق من حجر الصوان.. “سنّ السكاكين” يلقى بريقه مع قدوم عيد الأضحى
كتب: عبد الرحمن الصافي
يستعد الجزارين خلال هذه الأيام، والأسر المصرية، لاستقبال عيد الأضحى المبارك، من خلال تجهيز أدوات الذبيح وغيرها، فتنتعش مهنة “سنّ السكاكين”، لأيام قبل حلول العيد، ويحظى أصحابها بمكسب، لا يكاد يعوضهم عن ركودها على مدار العام، وبريقها الذي بهت.
يقول العم كمال أبو الفتوح حسن، وشهرته “عم غريب”، 67 عاما، صاحب محل سنّ سكاكين بنجع حمادي، بقنا، إن عيد الأضحى المبارك، هو المنقذ لمهنة سن السكاكين على مدار العام، فهو الذي يعطيها قُبلة الحياة، لتستطيع أن تكمل مسيرتها لحين عودة الموسم مرة أخرى، بعدما قاربت على الاندثار، وانتشرت ورش الحدادة التي تقوم بتصنيع الأثاث المعدني وبشكل جانبي تقوم بسنّ السكاكين.
ويضيف “غريب”، أن كثيرا من سيدات البيوت يفضّلن شراء تلك الأنواع الجاهزة من السكاكين وأدوات المطبخ، عن عناء الذهاب لـ”سنّان السكاكين”، مشيرا إلى سنّ السكاكين يعيد الأداة إلى حالتها أو أكثر، مؤكدا على أن موسم عيد الأضحى المبارك هو الأكثر زهوا لتلك المهنة، حيث يصبح محله البيسط قِبلة الجزارين وسيدات البيوت.
يبدأ “عم غريب”، سنّ السكاكين ذات العيوب الكبيرة والتي بها قَطع بنصلها، حسبما يشرح لـ”الشارع القنائي”، من خلال حجر الجلخ المعدني، معللا أنه يساعد على السنّ بدرجة أكبر، قبل أن يستخدم الحجر العادي، والذي يُجلب من جبل المقطم ومع تزايد المساحات السكانية ودخول العمران إلى المنطقة فإنه يتم جلب تلك الأحجار من منطقة القطامية بالقاهرة، من خلال سيارة نقل مُحملة بتلك الأحجار ليتم توزيعها على السنّانين، ولا يكمل الحجر بضعة شهور حتى يتآكل ويتم التخلص منه.
تلك المهنة، فضلا عن خطورتها في أن تسبب جروحا عميقة لصاحب المهنة أثناء أداء عمله، على حين عفلة، فإن الحجر ذاته قد ينفجر، ويصيب مَن بالمكان بإصابات بالغة، لذا فهي تتطلب حرصا شديدا، كما يؤكد “عم غريب”، يصقله الخبرة والممارسة.
يرتدي سنّان السكاكين، ملابس العمل وعليها “مريلة” من البلاستيك؛ لحمايته من “طرطشة المياه” المختلطة بحبيبات من حجر الجلخ والتي تُشكّل ما يشبه المادة الاسمنتية، ويعمل على تثبيت السكينة أو الأداة المراد سنّها على الحجر أثناء دورانه أو ملامسة نصلها للحجر حسب الحاجة لسنّها وبحيث يكون دوران الحجر إلى الخارج ناحية النصل في أغلب الأحيان، مستخدما المياه التي يرشها على السكين لتسهيل عملية السنّ.
وكان “سنّان السكاكين”، كما يروي “عم غريب”، يستخدم حجرا أخضر اللون، يُجلب من السعودية؛ لإزالة الرائش الناتج عن عملية السنّ، ولعدم توافر تلك الحجارة حاليا يتم استخدام قطعة من البلاط السيراميك ذات الأنواع الثمينة.
سنوات طوال مرت على “عم غريب”، يحسبها 55 عاما، منذ عمله بالمهنة وهو ابن الـ15 من عمره، لم يحاول خلالها التخلي عن تلك المهنة رغم متاعبها ومشقتها ومخاطرها، إلا أن حبه لها يدفعه إلى الاستمرار فيها، يعوضه عن كل ذلك بين الحين والحين، موسم كموسم عيد الأضحى المبارك، كما استطاع أن يُعلّم أحد أبناءه الـ3 تعلم تلك المهنة، والذي يعمل ببيع البقوليات ويساعده في سنّ السكاكين أحيانا، أما الـ2 الآخرين يعملان بإحدى الصيدليات، ولم يتعلما المهنة.
فالعمل غريب من مواليد محافظة السويس، وظل هناك حتى سن الـ5 من عمره، انتقل مع والده إلى محافظة سوهاج حيث موطن عائلته، ومع سن الـ35 انتقل إلى نجع حمادي، بمحافظة قنا، ليعمل بمحله الذي يبلغ عمره 31 عاما.