أشرف رشاد يكتب لـ”الشارع القنائي”: “خلطة” محمود الغزالي
تابعتُ سيرة الحاج محمود الغزالي زعيم قبيلة الكلاحين، وعضو مجلس الشعب لدورات عدة، فاكتشفتُ أنني أمام رجل، دخل العمل البرلماني وخرج منه، أبيض اليدين مثل صفحات وجهه عليه رحمة الله، وكنت إذا ما طالعت الرجل، وجدته أبيض القلب والوجه.. والسريرة.
لقد كتب كتاب التاريخ المدون في ذاكرة من عاصروا الرجل أنه لم يتربح من عمله السياسي على الإطلاق، بل على العكس، دخل البرلمان وخرج منه ويداه ناصعة البياض، حتى مشروب “الخلطة” الذي اشتهر بتقديمه لضيوفه في مكتبه بقنا، كان يحضره معه من بيته، وكان أهل قنا، حينما يخبر الواحدُ منهم الآخرَ عن لقائه بالحاج محمود، لا يقول: “كنتُ عند الحاج محمود”، بل يقول رحت شربت “الخلطة”، وقد كانت هذه العبارة كافية لتقول أنه كان في ضيافة الغزالي، وقد كان المشروب على بساطته، يحمل إشارة عميقة المعنى، ربما لم يكن يقصدها الرجل وقتها، لكنها كانت كاشفة لحاله، وأحواله..
فالرجل الذي ينتمي لمجتمع عرب الكلاحين، كان الأكثر حضورًا في مجتمع الأشراف، في تحالف سياسي، وعاطفي بين مكونين من أبرز مكونات المجتمع القنائي، نبذ العصبية، وانتصر لترابط جهوي بين جار وجار.
“خلطة” محمود الغزالي، السياسية، كانت مثل “خلطة” المشروب الذي اشتهر بتقديمه لضيوفه، جمع في السياسة بين مكونات اجتماعية، كما جمع في المشروب بين مكونات عشبية، وفي كلتيهما كانت الصحة هدفًا منشودًا للرجل، صحة المجتمع القنائي اجتماعيًا، بزرع بذور المحبة والألفة بين مكوناته، وصحة للجسد، الذي أكدت كل الدراسات الطبية الحديثة، أن سوائل الأعشاب مفيدة جدا للجسد.
إنني أضع منهج الحاج محمود الغزالي أمامي وأنا أمارس السياسة، فلأن تجمع الناس على الحب، أفضل وأنجع كثيرًا من الصعود على سلم العصبية
وقد كانت تجربة حزبنا “مستقبل وطن” في قنا كما في غيرها من المحافظات، هي لم الشمل المصري بين مكونات المجتمع، والانتصار لقيم التعاون والتسامح والمحبة.
فكلنا عابرون على جسر الحياة، وتبقى فقط السيرة الطيبة
يرحمك الله يا حاج محمود الغزالي.
جمعتكم طيبة
أشرف رشاد الشريف