الشارع السياسيالوقفدشناديوان المشاهير

أشرف رشاد يكتب عن نائب الـ”بُساطْ” و الـ”بساطة” في قنا

لا يحتاج الزعيم لأن يصبح زعيمًا إلى شهادة من جامعة “هارفارد”، فالزعامة بالأساس هي مظهر اجتماعي، لشخصية صلبة ولينة في ذات الوقت، شخصية قادرة على استيعاب الأحمال ولينة في مواجهة التحديات من تلك المتغيرات التي تفرضها الظروف الاجتماعية والسياسية، وكذلك كان النائب المرحوم الحاج فايز أبو الوفا عليه رحمة الله.

كان زعيم بالفطرة، وهو إلى ذلك كان متفرد في هذه الزعامة، لا بما يميزه عن الناس، بل بذوبانه فيهم، وبساطته معهم، وجلوسه بينهم، إن على التراب، على التراب، وإن فوق كومة قش، فوق كومة قش، كان عنوانًا للبساطة والتواضع واليُسر.

على بُسَاط البساطة، ارتفع الحاج فايز حتى طار إلى آفاق الزعامة، فصار الرقم الذي لا يمكن تجاوزه في أي معادلة سياسية في دشنا والوقف، وقد تحقق له ذلك بأمر بسيط جدًا، وسهل للغاية، لكنه صعب على من تحجرت العصبية في عقولهم، فلم يفقهوه.

لقد فطن السر وصار الحاج فايز أبو الوفا هو حمامة السلام، وراية التسامح، وعنوان المحبة بين العرب والهوارة، حتى من شدة ذوبانه في هذين المكونين، أنه لا يعرف كثيرون حتى في أشد لحظات الانتخابات سخونة هل هو من العرب أم من الهوارة، يعرفون فقط الحاج فايز أبو الوفا، وبعد ذلك يبحثون في بقية المرشحين عن انتمائهم القبائلي.

الناقل الرسمي للناس بين ضفتي النهر والناقل الروحي للحب بين الناس

كانت نار العصبية تشتعل في الدائرة الأكثر سخونة في قنا، لكنها ما إن تصل إلى الحاج فايز حتى تخمد وتنطفئ، فقد كان ممثلًا للجميع، ومُعَبٌِرًا عن الجميع، ومَعْبرًا للجميع ما بين الشرق في “دشنا” والغرب في “الوقف”، وربما لهذا أرادت الأقدار أن تفتح له باب رزق يترجم هذه الصفة على أرض الواقع، فكان الحاج فايز عليه رحمة الله هو الناقل الرسمي للناس بين ضفتي النهر العظيم، هو صاحب العبارات التي تنقل الناس بين الشرق والغرب على النيل، في إشارة كونية بأنه الجامع للناس والواصل بينهم بالمحبة والتسامح والتواضع والخير.

إذا سألت الناس عنه.. يقولون:” راجل بتاع الناس كلها لم يلعب يومًا على العصبية القبائلية، لا على الهوارة ولا على العرب” كما لم يميز نفسه على أحد.. حتى صار من شدة تواضعه الفطري غير المصطنع أنه عندما يلجأ له البعض عن مشكلة في قسم الشرطة مثلًا، كان قبل أن يدخل إلى القسم يجلس مع الناس على الأرض أمام باب المركز، يسمع منهم، قبل أن يدخل القسم ليقدم الحاج فايز حلوله البسيطة السهلة الممتنعة فيقبلها الجميع ببساطة وسهولة ويسر.

ربما لهذا مازال الناس يذكرون له أنه عند أي منافسة انتخابية فقد كان:” كرسي الحاج فايز محجوز، خلينا دلوقتي نشوف مين حيتنافس ع الكرسي الثاني”.

فهو الوحيد كما أشرتُ آنفًا الذي اجتمعت عليه الهوارة والعرب، وما كان ذلك كذلك إلا بالحب الذي رفعه الحاج فايز عنوانًا لمسيرته السياسية في قنا وتحت القبة في العاصمة، فكان بُساطه الذي ارتفع به إلى عنان السياسة، فصار علامة مسجلة في كتاب التاريخ.

جمعتكم جمعة حب وسلام وبساطة ويُسْر

أشرف رشاد

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق
إغلاق