الشارع السياسيبروفايلديوان المشاهير

أشرف رشاد يكتب عن نائب وصل ولم يقطع وجمع ولم يفرق

تُقاس قيمة الشخص أي شخص في الحياة الدنيا بما قدمه من منافع للناس، وإعمارٍ في الأرض، قال تعالى “هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا”، وقال صلى الله عليه وسلم :” إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمْ الْقِيَامَةُ وَفِي يَدِهِ فَسْلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا “ من ذلك كانت كل خطوة في إعمار الأرض وإصلاحها هي من أعظم الخُطى، وعلى ذلك فإن أنجب الأعمال وأصلحها هي ما كانت أو تكون في التيسير على العباد.

بالأمس كنتُ في لقاء جماهيري بأهالي قُرى مجلس قروي أبنود( أبنود الأم وقُراها:  “الكلاحين” و “كرم عمران” و”السواحلية” و”الجزيرية”)،  وشاءت إرادة الله أن تتعثر رحلتي إلى “نجع الشيخ عبيد” حيث مقر اللقاء، بأن دخلتُ إلى شارع بعد الشارع الذي يجب أن أدخل منه بحوالي 50 مترًا، وعرفتُ أنني جغرافيًا قد خرجتُ من حدود مجلس قروي أبنود بل ومن حدود مركز قنا، إلى أول نقطة في مركز قفط.

 تأملتُ المنظر، وعلمتُ أن بيوتًا في نجع “الجزيرية” نصفها جغرافيًا يتبع مركز قنا ونصفها الآخر يتبع مركز قفط، حتى أن اللقاء الشعبي بأهالي مجلس قروي أبنود التابع جغرافيًا لمركز قنا، لم يخل من أهالي بمجلس قروي البراهمة التابع لمركز فقط، ولما كان التعريف باللقاء عبر مكبرات الصوت بأنه: لقاء مجلس قروي أبنود، وقف أحد أهلنا من قرية البراهمة وقال: “يعني ناس البراهمة يمشوا..؟!” وضج الجمع بالضحك، فقلت: إن شاء الله قريبًا نلتقي بأهلنا في مجلس قروي البراهمة، وسيحضر في اللقاء بعضٌ من أهلنا في مجلس قروي أبنود، ثم أردفتُ مازحًا: “لو عايز تمشيهم مشيهم”، نجح الأخ برعي في أن يفرض حضوره في المؤتمر، حتى أنه لما طلب الكلمة لم يستطع أحد أن يزاحمه فيها، وهذا ما يسمى بالذكاء السياسي.

 إننا مجتمع شديد التلاحم بعضه ببعض، ورغم عصبيته التي تطفو فوق السطح أحيانًا، إلا أن ما يستقر في وجداننا من ترابط أعمق بكثير من أن تُعكّر صفوه النزعات الجهوية أو القبائلية، ناس البراهمة في الكلاحين مقدمون على ناس الكلاحين وناس أبنود في الأشراف مقدمون عن ناس الأشراف، إنها الأخلاق العربية التي ما تزال تجري في العروق.

سيبقى المرحوم النائب يوسف صديق السبعي هو رمز فقط وعزيزها

الشاهد في هذه الحكاية، أنه لولا المرحوم النائب يوسف صديق السبعي، لامتدت الحدود الجغرافية لمركز قنا إلى بدايات مركز قوص، وحده صاحب الفضل في أن تصبح قرية قفط التابعة لمركز قنا، مركزًا مستقلًا بذاته، فبعد وصوله إلى قبة البرلمان في العام 1967، جعل قضيته الأولى هي توحيد البقعة الجغرافية التي ينتمي إليها إلى مركز مستقل، فأصبح مركز فقط.

وليتخيل أهلنا في قرية “البارود” مثلًا، أو قرية “العويضات” أو “كلاحين الجبل” أو “الشيخية” أن تبعيتهم الإدارية ما تزال تابعة لمركز قوص، بينما جيرانهم “الحيط بالحيط” كما يقولون تبعيتهم الإدارية لمركز قنا، يعني أن مصطبة يتسامر عليها بعض الأهل في المساء، إذا ما أرادوا استخراج اوراقًا رسمية، فإن بعضهم سيسافر إلى قنا، والبعض الآخر سيسافر إلى قوص، كان سيظل هذا الحال على حاله لو أن المرحوم يوسف صديق السبعي لم ينجح في تحويل قرية قفط إلى مركزٍ بذاتها.

رحل المرحوم النائب يوسف صديق السبعي إلى دنيا البقاء، وبقى اسمه حاضرًا ما بقيت الدنيا، أنه رمز قفط الذي كان له الفضل في تدشينها مركزًا إداريًا بذاتها في العام 1981، وله الفضل أيَضا في إنشاء الشهر العقاري، والإستاد الرياضي، والمحكمة الجزئية، ومحطة المياه والعشرات من العلامات البارزة التي ما تزال تحمل بصمته في مركز فقط.

 إننا لا يمكن أن نتخيل شكل الحياة في قفط، لو أن “السبعي” عليه رحمة الله لم يكن قد انتصر في معركته توحيد هذه البقعة الجغرافية في تقسيم إداري مستقل بذاته، لذلك سيبقى المرحوم النائب يوسف صديق السبعي هو رمز فقط وعزيزها الذي وفّر على أهلنا معاناة السفر في كل صغيرة وكبيرة إلى قنا أو قوص، ولنتخيل كم من الخطى وفرها عليهم، وكم من الحسنات تصله بذلك آناء الليل وأطراف النهار، إننا نغبطه في ذلك، وعلى ذلك احتل صدارة كتاب التاريخ، تاريخ فقط السياسي في العصر القريب.

 

رحمة الله على قدوتنا المرحوم النائب يوسف صديق.

أشرف رشاد 

 

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق
إغلاق