أشرف رشاد يكتب عن النائب البرنس الذي أصبح نائبًا رغم أنفه
كان مساعدا لوزير الداخلية مديرًا لأمن الوادي الجديد، أما دائرته في قنا فهى دائرة عائلته أبًّا عن جد، كان والده نائبا قبل ثورة 52 تحديدًا من العام 1926، ثم شقيقه الوزير المفوّض فاروق لـ 8 دورات بقي فيها تحت القبة إلى أن توفاه الله، ثم شقيقه مصطفى من بعده تحت نفس القبة إلى أن توفاه الله أيضًا، وعندما توفى مصطفى.. اُجبر بطل مقالنا هذا على أن يرشح نفسه، حفاظًا على هذا الإرث من حب الناس له ولأهله، وحتى لا يحرم نفسه وأهله لذّة السعي في قضاء حوائج الناس، عن النائب البرنس الذي أصبح نائبًا رغم أنفه اكتب لكم اليوم.
ترشح فى انتخابات 2000 مستقلا وفي انتخابات 2005.. قال إنها آخر دورة له في البرلمان بعدها سيعتزل العمل السياسي، خبرته في جهاز الشرطة جعلته الأجدر برئاسة لجنة الإدارة المحلية في البرلمان، وعن عمله تحت القبة فقد سجلت له مضابط البرلمان مواقف كان فيها معارضًا للأغلبية التي ينتمي إليها أكثر مما عارضت المعارضة، ومواقف اخرى كان خير من يتحدث فيها معبرًا عن تلك الأغلبية، لما عُرِفَ عنه من صراحة وصدق في أراءه، سواء وافقت تلك الأراء رأي الأغلبية أو خالفتها، كان نائبًا من طراز فريد، كان شجاعًا في غير تكبّر، وهادئًا في غير تهاون، يفهم جيدًا ما يتحدث فيه قبل أن يتحدث، وكان لا يتعالى يومًا أن يستزيد دومًا من العلم، لذلك كان طبيعيًا أن يضم إلى خبرته الطويلة في الجهاز الشرطي درجة الدكتوراه في القانون.
عن المرحوم اللواء ماهر الدربي أيقونة الشياكة، والمهابة، والأدب والتواضع، والوعي والشموخ.. أتحدث، عن الرجل الذي كتب بيديه قانون الإدارة المحلية في نسخته الأبرز.. اتحدث، عن أجمل وأرقى وأنشط نواب قنا القدامى في عصرهم الذهبي أتحدث.
كان مرشح القبائل كلها في مركز القبائل، أنصاره هم أنصار شجرتهم البرلمانية على مر العصور
ومن مواقفه البارزة تحت القبة ما سجلته له المضابط، أن الأغلبية في وقته عندما أراد أحد أساطينها أن يفرض ضريبة في مشروع بقانون لمعاقبة المبلغ عن جريمة احتكارية بنصف العقوبة، عارضه اللواء ماهر الدربي بقوة وقال له: أنت لا يحق لك قانونا التقدم بمثل هذا المشروع طبقا للائحة المجلس التى تنص على أنه إذا كان طلب المناقشة المقدم من نائب له مصلحة خاصة فيه لا يجوز مناقشته، وقال قولته الشهيرة: ” المحتكر ليس منا ولسنا منه”.
عرف ماهر الدربي بشيخ العرب في مركز “أبوتشت” و رابطة عقد القبائل فيه، فقد سجّل كتاب التاريخ، أن “الدربي” لم ينجر يومًا إلى عصبية بغيضة، كان مرشح القبائل كلها في مركز القبائل، أنصاره وأنصار شجرتهم البرلمانية على مر العصور كانوا من مختلف مكونات الشارع البتشتي، وما كان ذلك لهم أن يكون إلا لسماحة في تعاطيهم السياسي مع مختلف المكونات، لذلك أثمرت شجرة الدرابي كثيرًا من الثمار التي أزهرت في سماء المكوّن البتشتي لعدة عقود، إنها بذرة الحب يا قوم، نبتت في أرض الحب فأنتجت الحب وألقت الحب في قلب الجميع.
ظل اللواء ماهر الدربي معينا لا ينضب من الحب، من الفراسة في فهم الناس، من القدرة على حل أعتى المشكلات، من السماحة التي لم ينطفئ نورها إلا بوفاته يوم السبت 13 فبراير عام 2016.
رحمة الله عليك وعلى النواب من آل الدربي أجمعين
أشرف رشاد