الشارع السياسيدشناديوان المشاهير

أشرف رشاد يكتب: طارق السباعي.. الإستثناء الذي فوق القاعدة

كان المرحوم النائب طارق السباعي على تواضعه الشديد بين الأهالي في دائرته لديه من جهة أخرى أَنَفَة شديدة وإباء

 

لا شك أن السياسية في عمومها، والجانب البرلماني فيها على وجه الخصوص، تقوم في كثير منها على التحالفات، أو التربيطات، التي تٌشكّل في مجملها، رصيدًا يصعد به السياسي أو البرلماني إلى سُدّة ما يصبو إليه.

كان عليه رحمة الله واحد من رجالاتنا السابقين الذين كسروا هذه القاعدة، ولم يخضع لها، وقد رسم معادلته السياسية على أنه وإن كان ينتمي إلى بيت عريق في العمل السياسي، إلا أنه فضّل أن يكون مرشحًا لجمهور الناس وليس لفئة أو قبيلة منه.

 إنها مخاطرة كبيرة في العملية الانتخابية، أن لا تبني خطتك الإنتخابية على تربيطات أو تحالفات، وهي لا تكون كذلك مع من لديه رصيد حقيقي بين جموع الناس، الناس كل الناس وليس فئة أو قبيلة أو جهة منهم، وقد كان المرحوم النائب طارق السباعي في ذلك خير مثال، وخير الرجال.. الذين مارسوا السياسة بطهارة ناصعة.. وأخلاق رفيعة.

إن أكثر ما شدني في سيرة النائب المرحوم طارق السباعي، أنه كان مثالًا للأدب، والأخلاق، والتواضع الشديد.. المُفرط، لكنه على تواضه هذا.. كان عمدة نواب الصعيد عمومًا ونواب قنا على وجه الخصوص، في الإباء.. وعزة النفس.. والكبرياء.. والأنَفَة>

وهو في تلك الصفات، لم يكن إلا امتداد لجينات  الاعتزاز بالنفس التي ورثها عن آبائه وأخواله، فهذا جده لأمه المرحوم النائب محمد بيه ابراهيم عضو مجلس الشيوخ لأربع دورات كان من ثمارها أنه كان مقربًا من الملك فؤاد شخصيًا، والذي منحه قلادة، لم أتبين هل كانت قلادة النيل، وإن كانت فمن أي درجة فيها، أم منحه وسامًا، وإن كان.. فمن أي نوع، هل وسام محمد على أم وسام الزراعة، ذلك أن تلك القلادة أو ذلك الوسام قد سرقته جارية كانت تعمل في قصره، وفرت هاربة إلى بلادها شمال الصعيد.

الشاهد في ذلك، أن جينات المرحوم النائب طارق السباعي عليه رحمة الله، كانت مزجًا مما ورثه عن آبائه وأخواله في العمل السياسي، فكان والده العمدة السباعي عليه رحمة الله أحد أهم نجوم حزب السعديين في الصعيد وكانت تربطه علاقة وطيدة بالنقراشي باشا، وربما من ذلك أن المرحوم النائب طارق السباعي على تواضعه الشديد بين الأهالي في دائرته، كانت لديه من جهة أخرى أَنَفَة شديدة في التعاطي مع قيادات الصف الأول في الحزب الحاكم في الدورة البرلمانية 2005-2010، حتى أن أحد أهم رموز الحزب الحاكم وقتها والذي بدا نفوذه يتصاعد بقوة آنذاك، لاحظ أن طارق السباعي لا يبجّله التبجيل المعهود من النواب، فسأل: من هذا النائب، فاعتبر السباعي أن هذا السؤال ينال منه، وأسرها في نفسه، حتى جاءت الفرصة عندما أراد هذا القيادي العبور للجلوس في طرف المقاعد على الجهة الأخرى من الصف، فلاحظ السباعي عليه رحمة الله الموقف ووجد فيه فرصته أن يردها إليه فوضع ساقه على الأخرى ومال بوجهه، ما اضطر نفر من النواب إلى إفراغ الصف الخلفي بالكامل لكي يعبر منه هذا القيادي دون أن يعر ذلك ادنى إهتمام من جانب السباعي.

لقد كان النائب المرحوم طارق السباعي مزجَا رائعًا بين الأنفة والإباء من جهة والتواضع والبساطة من جهة أخرى، وهو مزج لا يتقنه إلا من تربى في بيئة سياسية وأخلاقية رفيعة، البيئة التي ما تزال من أخلاقها في أولاد يحيي، أنه إذا ما مرت إمرأة أو فتاة في الطريق، وتصادف مرورها أمام رجل، أن يتوقف ويتجه بوجهه إلى الجدار لحين مرورها، في واحدة من ارقى وأعظم أخلاق القرية التي ما تزال حاضرة في “أبو مناع”

 

رحم الله النائب طارق السباعي

 

أشرف رشاد   

 

 

 

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق
إغلاق