أشرف رشاد: عاشوراء.. وسر السيدة زينب الكبير في مصر المحروسة
في مثل هذا اليوم كانت مأساة آل البيت.. أعقبها خير كبيير على مصر بقدومهم إليها
يسأل البعض أحيانًا.. كيف تجاوزت مصر من بعد 2011 وحتى الآن كل هذه الصعاب وتلك المخاطر التي أتت عليها من كل حدبٍ وصوب، بينما تزال شقيقاتها من دول ما يسمى بـ”الربيع العربي” ، غارقة في الفتنة والاقتتال والدمار..؟!
الخبراء ورجال الاقتصاد والساسة يعجزون أحيانًا عن تفسير سر قدرة المصريين من تحويل النكسة إلى نصر، والفاقة إلى فائض، والعوز إلى استغناء وثراء.
وقد كانت مشكلة “الكهرباء” التي انتقلت فيها مصر من نقص شديد إلى فائض كبير خير دليل على أن السر يكمن في بركة وهب الله بها مصر وشعب مصر، وجرت على يد أولادها الطيبين من خيرة أجناد الأرض.
تأمل معي هذه الدعوة:
“أهل مصر، نصرتمونا نصركم الله، وآويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله، وجعل الله لكم من كل مصيبة مخرجا ومن كل ضيق فرجا”.
هذه هي دعوة السيدة زينب رضي الله عنها وأرضاها لمصر وأهلها عندما حطت رحالها بتلك الأرض.
ومن تلك اللحظة كانت وما تزال مصر، محروسة من الله.. بفضل حبها لآل البيت، وحب آل البيت لهم، حتى لُقّبَت من وقتها بـ”المحروسة”.. محروسة بحبها لآل البيت، وحب آل البيت لها، فصارت قبلتهم من بعد الفتنة التي شهدها عصر الاسلام الأول، وكان ضحيتها أحفاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين ما إن خيروهم بين البلاد لتكون مستقرهم أن اختاروا مصر.
ترعرعت السيدة زينب في حجر جدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاصرت خلافة كلٍّ من سيدنا أبي بكر، وسيدنا عمر بن الخطاب، وسيدنا عثمان، ووالدها الإمام علي، رضي الله عنهم جميعاً، وعاشت فترة الفتنة الكبيرة التي أضرت بآل البيت والمسلمين.
شهدت سيدتنا زينب- رضي الله عنها- مقتل أبيها، وأخيها الحسين، الذي قُتل في كربلاء، كما قُتل ولداها محمد وعون، والعديد من أهل البيت، وتمّ أسرها وإرسالها إلى يزيد بن معاوية، الذي أصدر أمراً بتفريق أهل البيت في مختلف الأقطار، فأعطى يزيد بن معاوية سيدتنا زينب فرصة اختيار المكان الذي تود أن تهجر إليه فاختارت مصر.
بعد الترحيب الكبير الذي لقيته السيدة زينب ومن معها، عند قدومها إلى مصر دعت لها ولأهلها دعوتها الشهيرة فقالت: “أهل مصر، نصرتمونا نصركم الله، وآويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله، وجعل لكم من كل مصيبة مخرجا ومن كل ضيق فرجا”، لما رأته من حب وسعادة في وجوه المصريين أن حفيدة نبيهم اختارتهم دون غيرهم من سكان بقية الأقطار .. استقبلوها استقبالا رائعا غامرا، لم يسبق له مثيل، وفرحوا بقدومها فرحًا كان على طبيعته أول عزاء يطبب قلب عقيلة بني هاشم من بعد الفاجعة التي يحل علينا هذه الأيام ذكراها الموجعة.
شهد يوم العاشر من محرم (عاشوراء) سنة 61 هجريًا فاجعة كبيرة ألمت بالمسلمين، وفي القلب منهم عترة المصطفى صلى الله عليه وسلم
حيث قتل جيش يزيد بن معاوية الإمام الحسين رضي الله عنه، وقطعوا رأسه الشريفة مع شباب أهل البيت من أبناء الإمام الحسن والإمام الحسين وأبناء السيدة زينب رضي الله عنهم أجمعين.. ليس ذلك فحسب، بل سيقت نساء آل بيت النبوة مأسورات بأمر من يزيد بن معاوية.
و تبدأ المأساة عندما علم يزيد بن معاوية بتحرك أهل العراق بالبيعة للإمام الحسين خاف اليزيد على ملكه المغتصب فعزل والي العراق وولى مكانه عبيد الله بن زياد، فقتل مسلم بن عقيل ورماه من أعلى القصر، وكان الإمام الحسين قد تحرك من الحجاز إلى العراق قبل مقتل “مسلم” ولم يعلم ما حدث له.
وانطلق سيدنا الإمام الحسين ومن معه من أصحابه ومن أهل بيته حتى إذا وصل إلى العراق وقد عرف ماذا فعل عبيد الله بن زياد وعرف تَخَلّي أهل العراق عنه ولم يجد أحداً منهم.
بعثَ عبيد الله بن زياد بكتيبة فيها أربعة آلاف يتقدمهم عمرو بن سعد فالتقوا بمكان يقال له كربلاء فطلب منهم سيدنا الحسين إحدى ثلاث:
1 – إما أن يدعوه يرجع من حيث جاء.
2 – وإما أن يذهب إلى ثغر من الثغور فيقاتل فيه.
3 – أو يتركوه يذهب إلى يزيد.
فوافـق عمـر بن سعد على ما قاله مولانا الحسين وأرسل يخبر ابن زياد بذلك فأرسل ابن زياد إلى عمر بن سعد أن لا يوافق حتى يأتي ابن زياد ويبايعه ( يعني ليبايع يزيد بن معاوية) فقال سيدنا الحسين: والله لا أفعل.
وتباطأ عمر بن سعد في القتال فأرسل ابن زياد شُمّر بن ذي الجَوشن، وقال له إن تقدم عمر فقاتل وإلا فاقتل الحسين وكن مكانه، فتحول بعض الجيش الذين كانوا مع عمر بن سعد إلى صف سيدنا الحسين لما علموا من إصرار أولئك على قتل مولانا الحسين.
وأما عمر بن سعد فقد آثر الدنيا وخاف على منصبه، فحاصروا سيدنا الحسين ومن معه حصاراً شديداً حتى منعوا عنهم الماء لمدة ثلاثة أيام والإمام الحسين ومن معه من أهله وأطفاله يعانون من العطش الشديد.
لما أصبح الصباح وكان يوم العاشر من محرم يوم عاشوراء تهيأ سيدنا الحسين ومعه اثنان وثلاثون فارساً وأربعون راجلا، بينما جيش يزيد، بقيادة عمر بن سعد كان به أربعة آلاف مقاتل.
وقاتل أصحاب سيدنا الحسين بين يديه حتى استشهدوا جميعًا، وكان أول شهيد من أهل سيدنا الإمام الحسين هو علي الأكبر بن الحسين، فخرجت السيدة زينب أخت الإمام الحسين تنكب عليه تبكي ثم أدخلها سيدنا الحسين بيده الفُسطاط، وهو خيمة من الشعر.
وتوالى استشهاد شباب أهل البيت الأطهار فقتل عبد الله بن مسلم بن عقيل، ثم قتل عون ومحمد ابنا عبد الله بن جعفر، ثم قتل عبد الرحمن وجعفر ابنا عقيل بن أبى طالب، ثم قتل القاسم بن الحسن بن علي بن أبى طالب، وكذلك قتل عبد الله بن الحسين، وأبو بكر والعباس وعثمان وجعفر ومحمد بنو علي ابن أبي طالب إخوة الإمام الحسين غير الأشقاء.
ثم التف حوله أولئك الظلمة، وسيدنا الإمام الحسين يجول فيهم بالسيف يمينًا وشمالًا وهم يهربون منه، حتى تقدم رجل يقال له زُرعة بن شُرَيْك التميمي – عليه لعنة الله- فضربه على يده اليسرى وضربه آخر على عاتقه، وطعنه سنان بن أنس – عليه لعنة الله- بالرمح فوقع الإمام الحسين على الأرض شهيدًا، فتقدم شُمّر بن ذي الجَوشن ففصل رأسه الشريف عن جسده الطاهر.. ووُجِد بسيدنا الحسيـن حين استشهد ثلاث وثلاثون طعنة وأربع وثلاثون ضربة.
وبعدما استشهد الإمام الحسين قام جند يزيد بأسر السيدة زينب عليها رضوان الله إلى عبيد الله بن زياد الذي قال لجنوده من هذا؟ وكان يشير إلى علي الأصغر زين العابدين ابن سيدنا الحُسين، الذى كان مع السيدة الطاهرة، فهمّ شمّر بن ذي الجوشن أن يقتله على صغر سنه، فردت عليه السيدة زينب: أما يكفيك أنك قتلت الحسين؟! واحتضنت الطفل وقالت له اقتلني قبله، فقال دعوه لها.
وتمّ إرسالها إلى يزيد بن معاوية، الذي أصدر أمراً بتفريق أهل البيت في مختلف الأقطار، فأعطى يزيد بن معاوية سيدتنا زينب فرصة اختيار المكان الذي تود أن تهجر إليه فاختارت مصر، فلما وصلت اليها ورأت البشاشة والسعادة في أهلها أن اختارتهم دون غيرهم دعت لمصر وأهلها الدعوة الشهيرة.
رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد
أشرف رشاد