ديوان المشاهير

تعلّم على يده شيخ الأزهر.. “الشيخ عثمان عباس” أول من أسس معهد أزهري في شرق نيل نجع حمادي

كتب: أحمد القواسمي

”الشارع القنائي“ ينشر سيرة الشِّيخ عثمان عباس مُوسى صالح، عالم جليل، ذي سيرة حسنة تتذاكرها الأجيال المتعاقبة، فهو يعد الشخصية الأبرز في مركز نجع حمادي آنذاك.

مولده ونشأته

ولد الشِّيخ عثمان عباس موسى صالح، عام 1928م في قرية الرحمانية قبلي التابعة لمركز نجع حمادي بمحافظة قنا، وهي قرية اتَّسم أهلها بالطيبة والتواضع والصَّلاح، فلا مكان عندهم للعصبية أو القبلية المذمومة، فكلهم أبناء عمومة، وبينهم نسب ومصاهرة، مات أبوه وهو صغير، فقام على تربيته وتعليمه أخوه الأكبر الحاج محمد عباس موسى رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.

حفظ الشيخ ـ رحمه الله ـ القرآن الكريم في سن مبكرة، ما دفع أسرته لإلحاقه للدراسة بالأزهر الشريف، في وقت لم يعرف فيه ذووه عن طلب العلم شيئا، فهو أول من شقَّ غمار طلب العلم حتَّى المرحلة الجامعية في تلك البقعة الطيبة، وقد كان السبب الأبرز في حبّ الشيخ ـ رحمه الله ـ لطلب العلم ما رآه في قريته من حب عظيم لثلاثة رجال من أبناء القرية كانوا يخطون بالدواة، ويقرأون القرآن الكريم، ويعلمون النشء الصغير أصول القراءة والكتابة، هم: الشيخ علي سليم، والشيخ محمود السعدي، والشيخ سعد حسن أفندي، لكن منهم مَن اكتفى بالحُصول على الشهادة الابتدائية آنذاك، ومنهم مَن حصل على الشهادة الإعدادية، وقد بلغوا جميعا وظيفة (ناظر مدرسة).

تعليمه

حصل الشيخ ـ رحمه الله ـ على المراحل الابتدائية والإعدادية (نظام الأربع سنوات) والثانوية (نظام الخمس سنوات) في معهد قنا الأزهري، وحفظ في تلك الفترة الكثير مِن المتون، كما حفظ ألفية ابن مالك، وكان وقتئذ خطيبهم المفوه، الذي يعلم أبناء قريته والقرى المجاورة تعاليم الدين السمحة، ما جعله يحظى بمكانة كبيرة، لا نظير لها آنذاك، فهو دليلهم ومرشدهم إلى الخير.

ثم التحق الشيخ ـ رحمه الله ـ بعد ذلك بكلية اللغة العربية بالقاهرة في جامعة الأزهر، وهى الحصن الحصين لكتاب الله الكريم ـ رفع الله شأنها ـ ليحصل على ليسانس اللغة العربية بتفوق، وقد كان برفقة الشيخ آنذاك عالمان جليلان أعانا على نشر الدين والعلم في ربوع محافظة قنا: أولهما جاره في قرية القصر المجاورة لقرية الرحمانية قبلي، وهو الشيخ الأمير خالد، فحصل معه على ليسانس أصول الدين والدعوة في جامعة الأزهر بالقاهرة، وثانيهما: الشيخ يوسف الأبنودي ابن قرية أبنود التابعة لمركز ومحافظة قنا.

عاد الشيخ إلى قريته وهو أول حاصل على الإجازة العالية في مركز نجع حمادي، مع رفيق عمره الشيخ الأمير خالد رحمهما الله، ولم يلبث الشيخ أن التحق بمعهد القضاء العالي بمحافظة الأسكندرية آنذاك رغبة منه في الالتحاق بالقضاء في المحاكم الشرعية لكن إصرار أهله أحال دون إكمال ذلك.

عمله وتدرجه الوظيفي

عُين الشيخ ـ رحمه الله ـ في معهد بنين قنا الأزهري مدرسا للعلوم الشرعية والعربية وغيرها، وذلك لندرة الحاصلين على إجازات عالية، وقد كان من أشهر تلامذته فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب ـ حفظه الله ونفع به الإسلام والمسلمين – ثم ما لبث أن عين شيخا لمعهد بنين نجع حمادي الإعدادي والثانوي الأزهري ثم شيخا لمعهد بنين فرشوط الإعدادي الأزهري ثم موجها عاما لعلوم اللغة العربية بمنطقة قنا الأزهرية.

إسهاماته الخيرية

وفي عام 1977م استطاع الشيخ أن يكون سببا في تأسيس أول معهد أزهري في شرق نيل مركز نجع حمادي في قريته الرحمانية قبلي مسقط رأسه، وكان هذا سببا كبيرا في انتشار التعليم في تلك البقعة المباركة، كما أعان الشيخ ـ رحمه الله ـ على فتح فصول أزهرية في الكثير من البقاع حوله.

أصدقاؤه ومحبوه

هذا وقد كان الشيخ ـ رحمه الله ـ يتمتع بحس مرهف، وكان صاحب قلب صافٍ، جعله محبوبا من زملائه ورؤسائه، فقد كان للشيخ ـ رحمه الله ـ مكانة كبيرة في قلب فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر آنذاك وهو الشيخ الدكتور محمد عبد الرحمن بيصار ـ رحمه الله رحمة واسعة، وقد كان من أصدقاء الشيخ كذلك والمقربين إليه فضيلة الشيخ أحمد محمود إبراهيم ابن قرية نجع سالم التابعة لمركز نجع حمادي والذي تبوأ ـ رحمه الله ـ منصب مدير عام منطقة قنا الأزهرية ( وكيل وزارة حاليا ) فيما بعد، ومن أبرز أصدقائه أيضا الشيخ حسين عبدالعال العضادي ابن قرية ( أبو شوشة ) رحمه الله وأحسن إليه.

دوره في نشر تعاليم الدين

أُرسل الشيخ ـ رحمه الله ـ من قبل الأزهر الشَّريف لدولة (اليمن)؛ وذلك لنشر تعاليم الدين وتدريس اللغة العربية هناك، فكان ـ رحمه الله ـ خير سفير، حيث حَمَل الشيخ ـ رحمه الله ـ على عاتقه نشر الوعي والثقافة الإسلامية خارج موطنه، فزار الكثير مِن المساجد ومجالس العائلات في الكثير مِن البلدان المجاورة واعظا وداعيا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وقضى على الكثير من الخرافات والعادات المذمومة التي كان يعتقدها الناس آنذاك.

حَالَتْ إرادة الله سبحانه أن يهبه الولد الذي يرجوه، لكن الله عوضَّه محبة في قلوب أهل بلدته، كانت سببًا في الترحُّم عليه، والدُّعاء له، إلى يومنا هذا.

وفاته

لم يَشأْ له القدر أن يُكمل ما بدأه في رحاب الأزهر الشَّريف وما كان يأمُل فيه، فعاد ـ رحمه الله ـ من دولة (اليمن الشقيقة) صابرا محتسبا مرضه عند الله، وظل في بيته حتى وافته المنية في مطلع سنة 1992 م، تاركا لنفسه محبة كبيرة في قلوب أهل بلدته، رحمه الله وأحسن إليه، وأنزله منازل الأبرار، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسُن أولئك رفيقا.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق
إغلاق