كتبت : ندى بدر
لا يعرف الخوف طريقاً إليه، فقد قضى أكثر من نصف عمره فى توصيل الموتى إلى مثواهم الأخير بالقبر، لا يهاب منظر الجثث سواء كانت الوفاة طبيعية أو نتيجة حادثٍ ما، فقد أمتهن مهنة تُبنى على تكريم الموتى بدفنهم، مع أمانة كاملة للحفاظ على حرمة الموت، هو عم عبدالراضى محمود حفنى، 69 عاماً، أقدم حفار للقبور بمقابر “هو”.
يقول “العم عبدالراضى” أنه ورث مهنة حفر القبور عن أبيه وجده، ورغم تقدمه فى العمر إلا أنه ما زال يقوم بدفن الموتى إلى الآن، لافتاً أن هذه المهنة رغم صعوبتها الشديدة والأمانة التى تكون على عاتقه، إلا أنه أعتاد عليها، ويعتبرها واجباً عليه.
مراحل دفن الميت
يضيف ” حفار القبور” أنه عند إبلاغه بحدوث حالة وفاة بإحدى العائلات، يقوم بفتح القبر الخاص بهم، وتهيئة مكان للوافد الجديد قبل وصول الجثمان بوقتٍ كافٍ، وعند حلول ساعة الدفن، ينزل إلى القبر لاستقبال الميت، ويساعده شخص أو اثنين من أهل المتوفى فى حمل الميت، ليضعه على الناحية اليمنى من الجسد، قارئاً له سورة الفاتحة وبعض التمتمات، التى لا يفهمها إلا حفار القبور، ثم يخرج ويقفل القبر.
ويؤكد “العم عبدالراضى” أن ما يحدث معه أثناء الدفن أو بعده أو حتى قبل وضع الجثة، لا يجوز البوح به قائلاً” مينفعش أقول أى حاجة بشوفها لأن فى ملايكة ممكن ترمى على عيونى تراب، وتراب الملايكة للى زينا يخليهم يعموا، ودا سر وأمانة ومهما شوفت مقدرش أحكى، أنا كل اللى عليا أدفن الميت، وأقفل القبر على طول”.
العمل الدائم دون خوف
يوضح ” حفار القبور” أنه يعمل فى حفر القبور، ودفن الموتى دون كلل، بجانب أنه دائم التواجد فى المقابر حتى ساعات متأخرة من الليل، ثم يذهب إلى منزله، وعند وجود حالة وفاة يتأتى إليه أهل المتوفى إلى المنزل أو يقومون بالإتصال به هاتفياً لإعداد القبر..
ويستطرد ” صاحب العقد السادس من العمر” أنه لا يأخذ مقابل مادى محدد نظير دفن الموتى، فعند الانتهاء من دفن الميت لا يطلب مبلغ مالى محدد، وما يعطيه له أهل الميت يأخذه دون النظر إليه قائلاً” اللى بيدهولى وفيه النصيب بأخده، ولو حتى مفيش خالص الله يبرى الذمة، والحمد الله أنا راضى بأى حاجة”.