“قراءة ورش عن نافع”.. “ابن قفط” عالم جليل انتشرت قراءته في أقطار العالم الإسلامي
عبد الرحمن الصافي
واحد من بين علماء أجلاء كثر، تفتخر به محافظة قنا كونه من أبناء مركز قفط، جنوب المحافظة، هو الشيخ العلَّامة ورش القفطي، شيخ المقاريء المصرية.
يقول نور علي القفطي، وهو صاحب كتب في التاريخ، والأدب واللغة، ومدير عام بالتعليم الثانوي، وكبير معلمي اللغة الفرنسية، السابق، في مركز قفط، إن الشيخ “ورش القفطي” كان واحدا من أعيان الفضل، وأقطاب الفخر، أمعن في التنقيب، وتقصى في التدقيق، واستبطن دخائل العلم، واستجلى غوامض الفكر.
ويضيف “علي”، أن “ورش” هو عثمان بن سعيد بن عبد الله بن عمرو بن سليمان ابن إبراهيم، وُلِدَ في مدينة “قفط” عام (١١٠ه)، ولما استوى سوقه، وقرأ القرآن الكريم، تاقت نفسه إلى مدينة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فشد الرحال، قاصدا الإمام الجليل الشيخ نافع بن أبي نعيم المدني، إمام المدينة، وأحد القراء السبعة، والذي انتهت إليه رئاسة الإقراء في المدينة المنورة، وختم الشيخ ورش القرآن على يده في عام ١٥٥ هجرية.
ويذكر “علي”، سبب تسمية “ورش” بهذا الاسم، أن من سماه هو أستاذه “نافع المدني”، لافتا إلى أن هناك عدة تفسيرات لكلمة “ورش”، منها أن عثمان بن سعيد، كان شديد البياض، وكان يشبه”الورش” وهو شيء أبيض يصنع من “اللبن”، ومنها أيضا أن صوته كان عذبا، يشبه صوت طائر الورشان، وهو طائر جميل الصوت، كما قيل لكونه قليل الأكل، والورش في اللغة، تناول الشيء اليسير من الطعام.
ويسرد المؤرخ القفطي، سيرة “ورش”، أنه مكث في المدينة، يتعلم على يد شيخها الجليل نافع بن أبي نعيم، وبعد أن أجازه شيخه، عاد إلى مصر وانتهت إليه رئاسة الإقراء، وتولى منصب شيخ الإقراء في مصر، وقصده كثير من طلاب العلم، وانتشرت قراءته في كثير من دول العالم الإسلامي، الأندلس، المغرب العربي، وغيرها، وأصبح اسمه ملازما لاسم شيخه، فيقال “قراءة ورش عن نافع”.
وكان “ورش”، كما يقول “القفطي المؤرخ”، يطلق عليه “العوامي”، لأنه كان مولى لآل الزبير بن العوام، كما ذكرت المراجع التاريخية، وتتلمذ على يده كثير من المشاهير، منهم
_داود بن أبي طيبة.
_يونس بن عبد الأعلى.
_أبو يعقوب الأزرق.
_أحمد بن صالح المصري.
_سليمان بن داود المهدي.
_ عبد الصمد بن عبد الرحمن بن القاسم.
_عمرو بن بشار، وغيرهم.
ويتابع المؤرخ، أنه قيل عن :ورش”:
قال عنه تلميذه يونس بن عبد الأعلى، أنه كان جيد القراءة، حسن الصوت، إذ يهمز، ويمد، ويشدد ويبين الإعراب، لا يمله سامعه.
وقال “الشيخ العلامة/ الذهبي”: “انتهت إليه رئاسة الإقراء في الديار المصرية”.
وقال” العلامة/ السيوطي: “كان ماهرا في العربية”.
وقال “العلامة/ شمس الدين الجزري”: “شيخ القراء المحققين، وإمام أهل الأداء المرتلين،انتهت إليه رئاسة الإقراء بالديار المصرية في زمانه”.
ويختتم “المؤرخ القفطي”، أنه في ١٩٧ هجرية فارقت روح “ورش القفطي”، شيخ الإقراء في الديار المصرية، جسده، حيث توفي ودفن في القاهرة في مقابر الإمام الشافعي، بعدما سطرت حياته بأحرف من نور في سجل الخالدين.