الشارع السياسيقنا العاصمةمشكلات

 عبده مغربي يكتب.. أزمة الأمير هاشم الدندراوي مع الدولة في قرية الجبلاو

بقلم : عبده مغربي

في عالم التصوف الذي يزخر بالعديد من الطرق والجماعات، تبرز الأسرة الدندراوية كنموذج فريد يجمع بين الأصالة والتجديد، بين الروحانية العميقة والعمل المدني الحديث.

قبل عشر سنوات تقريبًا نشرت مقالًا في زاويتي الاسبوعية بموقع قناة الجزيرة القطرية على شبكة الانترنت-مايزال في أرشيف الموقع لمن يريد الإطلاع عليه- أشرتُ فيه إلى حوار دار بيني وبين مستشرقة انجليزية، حدثتني في أمور عن الأسرة الدندراوية، لم أكن مطّلعًا عليها آنذاك ما دعاني للخجل كوني وأنا بن المحيط الجغرافي الذي قامت وترعرعت واتسعت منه الأسرة الدندراوية، تعرفها تلك المستشرقة أكثر مما أعرفها أنا.

بعدها وفي لقاءات وأحاديث متعددة ومتنوعة عرفت عن الدندراوية الكثير، على أن ما عرفته يبقى قليلًا لاتساع دائرة التنوع فيها، فما يزال هذا الكيان، مبهرًا في زوايا عديدة.، منها أن أميرها هو واحد من أشهر مصدّري الكلاب في العالم، ولديه فندق لاستضافتها ومزرعة خاصة لتربيتها وتدريبها، هي الأشهر في مصر والمنطقة.

لكن يبقى أكثر ما عرفته إثارة عن الدندراوية، أن الأمير الراحل، الأمير الفضل كان هو صاحب فكرة تدشين انبوب برّي موازي لقناة السويس، لنقل النفط الخام بين الشرق الأوسط وأوروبا، غير أن سمير فهمي والد أشهر وزير للبترول في مصر،سامح فهمي، وقد كان يعمل في إحدى شركات الأمير الفضل، قد نقل الفكرة مع مخطط المشروع بالكامل للدولة المصرية، فقامت بتدشينه، ليصبح اسمه، خط أنابيب البترول العربي أو ما يعرف بشركة سوميد، التي أصبحت واحدة من أكبر شركات نقل وتخزين النفط في العالم.

تأسست الشركة في عام 1977 وهي مملوكة بشكل مشترك بين عدد من الشركات الكبرى، بما في ذلك الشركة المصرية العامة للبترول ومبادلة للاستثمار وأرامكو السعودية وقطر للطاقة.

في بداياتها قبل عدة عقود، كان كبير الأسرة الدندراوية وقائدها، يلقّب بالسلطان، ثم تحول اللقب ، فصار أمير، إذ تعود جذور الأسرة الدندراوية إلى السلطان الدندراوي الأول، الذي أسس هذا الجمع الصوفي بهدف توحيد المسلمين تحت راية واحدة تتجاوز الانقسامات الفقهية والطبقية. وفي عام 1973، شهدت الأسرة نقلة نوعية تحت قيادة الفضل بن العباس آل الدندراوي الذي يُعتقد أنه أول من لُقّب بالأمير.

الأمير هاشم الدندراوي، الأمير الذي لا يمتلك إمارة ولا أرض ولا دولة، لكنه أمير في قلوب أتباعه. تجسد شخصيته الروح القيادية للأسرة الدندراوية، حيث يقود هذا الجمع الصوفي بروح الأب الحاني والموجه الحكيم. تحت قيادته، ارتقت الأسرة إلى مصاف المؤسسات المدنية الحديثة التي ترعى أتباعها وفق أحدث نظم الرعاية الاجتماعية وأرقى قواعد العمل المدني.

في 19 يوليو 2023 نشرت هنا في هذه المنصة تقريرًا صحفيًّا بعنوان ( الأمير هاشم الدندراوي.. كلمة السر في الاعتداء على مندوبي وزارة النقل في قرية “الجبلاو ” )

لم يكن يتخيل اللواء أشرف الداودي محافظ قنا السابق وقتها وهو يتابع أعمال اللجنة المشكّلة من هيئة المساحة و وزارة النقل والمكلّفة بأعمال الرفع المساحي لموقع المحطة التبادلية للقطار السريع وهي التي يُتَوقّع لها أن تغير شكل الحياه في قرية الجبلاو، حتى ليُقال أنها ربّما تتحول من قرية إلى مدينة؛ أن يقوم نفر غير قليل من تلك القرية – حوالي 25 شخص- بمهاجمة أفراد اللجنة بالطوب والزلط، إلى الحد الذي أصيب معه موظف بمجلس “قروي الجبلاو” في يده، وتحطمت مرآة السيارة الخاصة بمندوب الشركة المنفّذة-أوراسكوم للإنشاءات- والتعدي بالقول على رئيس مدينة قنا السابق العميد طارق لطفي..!

♦القصة بحسب ما ذكرت مصادرنا وقتها، أن قطعة أرض كبيرة في منطقة الشوينة بقرية الجبلاو التابعة لمركز قنا، تزيد مساحتها أو تقل قليلًا عن 80 فدان، قام الراحل “الأمير” الفضل الدندراوي بوضع يده عليها، ووجه أنصاره في الأسرة الدندراوية بتجهيزها للزراعة، فيكون انتاجها بعد الاستصلاح لخدمة الساحة الدندراوية، ويكون انتاجها من الخضروات والفاكهة بالمجّان لأبناء المنهج الدندراوي سواء في ساحتهم المعروفة بقرية دندرة غربي النيل بقنا العاصمة، أو لساحتهم الأخرى في منطقة البساتين بالقاهرة، أو أن يتم توزيع هذا الإنتاج على المحتاجين من القنائيين، وهو عمل جد عظيم؛ يجسّد بوضوح أبهى صور المشاركة المجتمعية التطوّعية التي تم فيها استصلاح هذه الأرض بسواعد أنصار وأبناء الأسرة الدندراوية في عمل خيري يخدمهم ويخدم عموم المحبين لساحتهم.

📌الذي حدث أنه تم توفيق الأوضاع القانونية لتلك المساحة البالغة 80 فدانًا، بأوراق رسمية لصالح أسرة الأمير الفضل الدندراوي.. لكن الذي حدث لاحقًا أن أفرادًا محسوبين على الأسرة الدندراوية قد ضموا إليها مساحات أخرى-استولوا على أرض الدولة بغير سند من القانون- قُدّرت بحوالي 120 فدان، فنشأت بعدها بورصة للبيع والشراء وصل فيها سعر القيراط الواحد إلى ما يقرب من ربع مليون جنيه أو يزيد أحيانًا، أي بمتوسط حوالي 6 ملايين جنيه للفدان الواحد، بقيمة إجمالية تصل إلى حوالي ثلاثة أرباع المليار جنيه.

بورصة علنية للبيع والشراء في أرض الدولة وبعيدًا عنها وبدون أدنى سند من الملكية أو القانون، فقط جملة واحدة يتم فيها استغلال اسم هاشم الدندراوي أو قل في أحيانٍ كثيرة ذكر جملة من كلمتين؛ “أرض الأمير”، لتصبح عملية البيع أو الشراء “شرعية”.

♦ما فعله ويفعله الأمير هاشم الدندراوي في قنا ولها؛ يبتعد بالرجل عن أي شائبة يمكن أن يتلحق به من أنصاره، لكن الذي حدث مسّ الرجل، كون الذين هاجموا لجنة رسمية حكومية يومها هم من خيرة أنصاره، وكون اللجنة التي ذهبت للرفع المساحي في الجبلاو، وقدمت من القاهرة، جعلت ما تعرّضت له من مضايقات واعتداء يقع تحت مسئولية محافظ الإقليم مباشرة.. فكان أن قام المحافظ السابق على الفور بإخطار مديرية الأمن لتشكيل قوة أمنية متعددة المهام ترافق اللجنة عندما تعود لممارسة عملها.

قبل ثلاثة أيّام تناقلت حسابات على فيسبوك، مقطع مصوّر للأمير هاشم، يقول فيه إنه من أكثر المتضريين ماليًا من تدشين محطة القطار السريع التبادلية في قرية الجبلاو، لأنها ستقتطع مساحات كبيرة من أرضه، وطلب ممن حوله بألّا يلجأ إليه أحد من المتضررين من انتزاع أراضيهم لسؤاله عن التعويض الذي ستدفعه الدولة، عليهم أن يذهبوا للنواب، فهم الأقدر على لقاء المسئولين منه وتحصيل حقوقهم.

تضم قرية الجبلاو اثنين من البرلمانيين، هم النائب العمدة مبارك، والنائب محمد الجبلاوي، وقد وضعهما الامير هاشم في مأزق كبير. ذلك أن الدولة ستقوم فقط بتعويض المتضررين الذين يملكون أوراقًا رسمية تفيد بامتلاكهم الأرض، والحاصل أن الأرض التي تم بيعها للأهالي بوصفها مملوكة لأسرة الأمير هاشم، هي في جزء منها غير مقننة، ولا يملك أصحابها دليلًا ثبوتيًا على التقنين، وهنا ستظهر الأزمة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق
إغلاق