كتبت: سمر سليمان
“منفاخ وسندان وشعلة نار ” كلمات كثيرة مجهولة لا يعرفها إلا من يتقن مهنتها التي تكاد أن تنقرض تماماً ولا يوجد سوي القليل من يعمل بها في النجوع والقري والجبال، فهي مهنة من قديم الأزل ، تسمي عند الاهالي ” الحدادين” كما يطلقوا عليها الاهالي في القري والنجوع .
إلتقي” الشارع القنائي ” بالسيدة سميرة عبدالحميد عرابي سليم،53 عاما ، اثناء تواجدها بأحد شوارع قرية المراشدة ، برفقة زوجها، ليرصد لكم فصلاً من ضمن “كتاب مهنة في طريقها للانقراض”.
تعتبر الحدادة هي معالجة الحديد وتشكيله بأشكال بحسب الطلب للانتفاع منه، وتدخل في صناعة السيوف، والدروع، وغيرها وكان يسمي العامل ( الحداد).
تروي ” سميرة عبدالحميد عرابي، ابنه قرية القمانة بمركز نجع حمادي ،مهنتها التي تزاولها منذ اكثر من 10 أعوام، لمساعدة زوجها في الإنفاق على اسرتها و تزويج ابنتها وسداد القروض التي إستدانتها، منذ ان تزوجت وهي تري زوجها يعمل في مهنة الحدادة التي ورثها عن اجداده ووالده، وهو يشكل الحديد بيده، حتي ان اتقنتها لتصبح مهنة لها.
وتضيف صاحبة الـ53 عاماً ، انها اخدت دور العامل حتي تستطيع المساعدة في زواج ابنتها ، وسداد الاموال التي قامت بأخذها من الجمعيات ، وإنه لم يكن في حسبانها ان تعمل في هذه المهنة ، بمشاهدتها معاناة زوجها في هذه المهنة، من شدة صعوبتها ولكن تحملت الآلام حتي اصبحت محترفة بها.
وتابعت” ابنة القمانة ” إنه يومها يبدأ منذ الفجر تقوم بتجهيز متطلباتها وما تحتاجه من ماكل ومشرب، وتحملها على العربة الكارو، وتتجه مع زوجها في الترحال إلى البلاد الغريبة في القري والمراكز ، حيث يستقرون في مكان معين ويقومون بفرش أدواتهم حتي يستقبلون زبائنهم طوال اليوم ،دون راحة.
ولفتت ان دخلهم بسيط تحصل على معاش 370 جنيهاً فئة تكافل وكرامة ،وان مهنة الحدادة دخلها بسيط “لو مشتغلناش ملقيش ناكل ولا ندفع الديون اللي علينا” ، في الشهر بتدفع حوالي عشرة الآلاف جنيه للجمعيات، و”ضهرها اتقطم من كتر الديون”-علي حد قولها-.
وعن هذه المهنة زوجي ورثها عن والده وأجداده ولكنها تجلب الامراض بسبب الغازات الأدخنة التي تخرج من فحم الكير وهي تعتبر صنعتنا الوحيدة ومصدر دخلنا.
ولم ينكر زوجها ابو الوفا فؤاد بركات،63 عاما، وقفه ومجهود زوجته طوال هذه الاعوام الماضية والتي وقفت بجانبه كتفا بكتف، في الترحال للبلاد الغريبة والافتراش في الشوارع والنوم في الطل، بخيمة بسيطة، حتي تستطيع المساعدة في الإنفاق على اسرتنا ، وسداد الديون التي عليهم من زواج ابنتهم، وتتحمل معه الصعاب في البرد القارص في التجول في الشوارع ليلا.
وفي نهاية حديثها تمنت ان ينظر إليهم المسؤولين بعين العطف لمساعدتهم في سداد الديون التي عليهم ، وتوفير مكان مناسب لهم للعمل به بدلاً من الترحال في بلاد الله .