بـ”الحنة والطبل والمديح”.. الآلاف يحتفلون بالليلة الختامية لمولد سيدي عبدالرحيم القنائي
كتب: أحمد القواسمي
احتفل الآلاف من أهالي محافظة قنا، ومختلف محافظات الجمهورية، اليوم الإثنين، بالليلة الختامية لمولد سيدي عبدالرحيم القنائي، الذي يبدأ في الأول من شهر شعبان كل عام وينتهي بالليلة الختامية في الرابع عشر من الشهر ذاته.
وفي مشهد مهيب، احتشد المئات داخل مقام سيدي عبدالرحيم القنائي، للتبرك به والدعاء أن يفرج الله همومهم، وسط حلقات من الذكر وتلاوة القرآن الكريم، وبعدها يتجولون في الساحات الموجودة بمحيط المسجد، وتزين المقام بالإضاءة المبهجة والورود والروائح العطرة، استقبالًا لزوار أسد الرجال.
كما احتفلت الطرق الصوفية وآلاف المحبين والمريدين بالليلة الختامية من خلال رفع الأعلام الخضراء وترديد قصائد مدح النبي صلى الله عليه وسلم، مع وصلات رقص بالسيوف، وذلك وسط أجواء مليئة بالبهجة والسرور.
وحرص العديد من أهالي قنا على حضور ومشاهدة زفة الطرق الصوفية احتفالًا بمولد سيدي عبدالرحيم القنائي، مع تشجيعهم ومشاركتهم الاحتفال من ترديد القصائد والمدح معهم، داخل مسجد سيدي عبدالرحيم القنائي وفي شوارع مدينة قنا.
ووفقًا لما جرت عليه العادة، حرص عدد من الرجال والنساء على الوفاء بالنذور في تلك الليلة ومنها إحضار صنية من الحنة عليها الشموع، على أنغام الطبول وترديد أغاني المديح، وتجمع حولها العشرات من أبناء قنا يصفقون، ويرقصون بالعصي، مسجلين فرحة كبيرة بقدوم المولد.
ولد السيد عبدالرحيم القنائي عام 521هـ / 1127م بمدينة ترغاي بإقليم سبتة بالمغرب، وتعلم على يد والده، وحفظ القرآن في الثامنة من عمره، وتوفي أباه وهو في الثالثة عشر من عمره، وصعد المنبر وخطب بالمسلمين وتعلم الفقه والحديث ببلاد المغرب وهو في عمر الرابعة عشر، ثم حلّ محل والده، وأمضى خمس سنوات معتليًا منبر الجامع يُعلم الناس ويعظهم بأسلوبه الخاص الذي يُبكي الروح والعين، قبل أن تناديه مكة فيشد إليها الرحال خلال موسم الحج العاشر.
والتقى القنائي بالشيخ مجد الدين القشيري القادم من مدينة قوص عاصمة صعيد مصر آنذاك، منتصف القرن الثاني عشر الميلادي، وأقنعه القشيري بأن يستقر في مصر، فوافق عبدالرحيم على الرحيل إلى مصر بصحبة القشيري، الذي كان إمامًا للمسجد العمري بقوص، وكانت له مكانته المرموقة بين تلاميذه ومريديه، وذلك في عهد الخليفة العاضد لدين الله آخر خلفاء الدولة الفاطمية.
بعد ذلك فضٌل عبدالرحيم، الانتقال إلى مدينة قنا، تنفيذًا لرؤى عديدة أخذت تلح عليه في الذهاب إليها والإقامة بها، فقوص ليست بحاجة إليه، فبها الكثير من العلماء والفقهاء، فاستقر بمدينة قنا، وعينه الأمير الأيوبي العزيز بالله شيخًا لمدينة قنا، وعُرف منذ ذلك الوقت بـ عبدالرحيم القنائي، وأنشأ له مسجدًا في عام 1136م، ثم قام الأمير همام بن يوسف الهواري أمير الصعيد آنذاك بتوسعته وأوقف عليه أوقافًا زادت من مساحته وفرشه، وفي عهد الملك فاروق أُعيد بناؤه عام 1948م، حيث أمر بإزالة المبنى القديم وإعادة بنائه مع وجود الضريح داخل المسجد.