السيدة سفينة.. القبطية التي أوقفت 50 فدانًا من أموالها لتعليم الفتيات في قنا (بروفايل)
استطاعت بفكرها المستنير، وسيرتها المليئة بالعمل الخيري، أن تخلد ذكراها بين أبناء محافظة قنا، ليذيع صيتها ليس فقط في المحافظة، ولكنه امتد خارج حدود الجنوب، بعد أن خصصت من ثروتها، 50 فدانًا لتشييد مدرسة لتعليم الفتيات، إنها السيدة سفينة دوس عبيد، المناضلة من أجل الفتيات.
كانت رحلة السيدة سفينة، مليئة بالخير، بعد أن تنقلت مع أسرتها حينما كانت طفلة، بداية من محافظة أسيوط مسقط رأس العائلة، التي أسسها الخواجة بشارة عبيد، فوالدتها من عائلة الجوهري أقدم أغنياء أسيوط وجدها لأمها من أكبر مستشاري محمد على باشا أما والدها فهو من عائلة عبيد صاحبة التاريخ السياسي والبرلماني المعروف، وسوهاج، لتستقر في محافظة قنا، وتنضم لعضوية الكنيسة الإنجيلية عام 1897.
استطاعت سفينة، بشخصيتها المحبوبة والاجتماعية، أن تؤسس لنفسها وعائلتها تاريخًا يخلد على مر العصور، خاصة وأنها لم تخجل من كونها امرأة، وتحللت من الموروثات والعادات والتقاليد، بعد أن تربت على حب العمل المجتمعي والخدمات، لتؤسس لنفسها مدرسة خاصة، في ظل عدم تعليم الفتيات في ذلك الوقت.
يرجع الفضل إلى سفينة، في أن تؤسس أول مدرسة للفتيات في قنا، بعدما اقتصر التعليم على أبناء الأغنياء، وكانت الفتيات من الأسر الأرستقراطية بالكاد يعرفن القراءة والكتابة، فلم يكن متعارفًا في محافظات الصعيد، المدارس العامة للبنات.
طوال حياتها، استطاعت السيدة سفينة، أن تؤسس العديد من المؤسسات الخيرية، وأن توقف 35 فدانًا من أحسن بقعة في أطيانها ليصرف ريعها على الكنيسة الإنجيلية بقنا، في جميع أبواب الخير كالفقراء والمساكين، وفي مارس 1904، استطاعت سفينة، تخصيص 50 فدانًا من ثروتها، من أجود أطيانها لمدرسة البنات الخيرية التي أنشأتها ببندر قنا باسمها، وبنت لها بناء فخمًا صرفت عليه مئات الجنيهات، وتعهدت بكل ما يلزم من المصاريف الإدارية للمدرسة، ورواتب الناظرة والمعلمات والفراشين.
خصصت سفينة، المدرسة لتعليم جميع العلوم، فضلًا عن اللغتين الإنجليزية والفرنسية والبيانو والأشغال اليدوية والخياطة والتفصيل، واستمرت في تقديم خدماتها الاجتماعية والتنموية، حتى أنها شاركت أيضًا في تأسيس المستشفى القبطي بالقاهرة، حتى توفيت في عام 1922 بمنطقة المنشية بالإسكندرية، حيث كانت تقضي أيام صيفها الأخير، ووصل جثمان سفينة إلى محطة قنا في صباح الأربعاء 23 من أغسطس عام 1922.