صور..”أبو النور”..”أمي”بارع في علوم الطب يعالج مرضى ضربات الشمس: “كله لوجه الله”
كتب: عبد الرحمن محمد
كثير من أبناء قنا منحهم الله من لدنه من المنح والعلوم، دون تحصيلها في أكاديميات، أو حتى عبر الانترنت، وكما برع أبناء البادية في ألوان الطب المختلفة، بالأعشاب أو غيرها، فإن من أبناء قنا من منحهم الله ما يخففون به عن غيرهم، ليصون هؤلاء تلك المنحة الربانية، ويقدمونها لوجه الله.
وفي إحدى قرى قنا، التي يبلغ تعدادها أكثر من 100 ألف نسمة، ذاع صيت العم “أبو النور”، كمعالج لضربات الشمس التي تصيب الأهالي، نظرا لطبيعة عملهم، أو تعرضهم لفترات طويلة لأشعة الشمس، خاصة مع الظروف الجوية الحارة المعروفة بها محافظة قنا على وجه العموم.
ولي النور محمود، وشهرته أبو النور، يبلغ من 55 عامًا، يعمل سمكري بوابير، ويقيم بقرية “هو”، بمركز نجع حمادي، شمالي قنا، استطاع أن يتعرف على أعراض ضربات الشمس وأن يميّز المصاب بضربة شمس من “نظرة عين” ويقوم بعلاجه ابتغاء وجه الله.
يعمل أبو النور بـ”سمكرة البوابير” منذ الصبا، وكان دائما ما يصاب بضربات الشمس، لطبيعة تلك المهنة، حيث التجول في الشوارع، والتعرض للشمس، فكانت مصدر مرضه بين الحين والحين، لتساعده إحدى جيرانه على علاج ضربات الشمس، والتعافي منها.
ولأنه كان دائم الإصابة بضربات الشمس، أصرّ أبو النور، على تعلم كيفية علاجها؛ ليساعد نفسه ويخفف من آلامه، فتعلمها وهو في الـ15 من عمره، حيث كان في البداية “يطقطق” جبينه؛ لإخراج الشمس منه، إلى أن تمرس على علاج ضربة الشمس، وتعلمها بإتقان.
وكان حين يصاب بضربة الشمس، يشعر بتعب شديد وإرهاق، حتى يتم إخراجها من جسده، بمساعدة السيدة، جارته، أو بعدما تعلمها هو، وأصبح يعالج نفسه بنفسه، مما جعله يشعر بالمرضى، ممن يعانون من ضربات الشمس، مؤكدًا على أن ذلك كان سبب في عزمه على مساعدة هولاء المرضى “لوجه الله”، ولا يسمح لنفسه بأخذ أي مقابل خلاف “كوباية الشاي”.
وضربات الشمس من أكثر ما يصيب الإنسان خلال الصيف عند التعرض المباشر لأشعة الشمس، ولها أعراض كثيرة تظهر على المريض، بحسب أبو النور.
مجموعة أعراض تظهر على المصاب، تلك التي يعرف جيدا “أبو النور”، أن صاحبها مصابا بضربة شمس، فالضعف والهذلان، وإحمرار العينين، والخمول والتكاسل والحاجه إلى النوم، فضلا عن العرض الأكثر ظهورًا هو وجود 3 أعمدة حمراء تظهر على الجبهة وهي عبارة عن أوعية دموية، تميز مصاب ضربة الشمس.
بدأ ابو النور، خطوات معينة لعلاج ضربة الشمس من خلال سحبها من كامل الجسم وإخراجها من خلال منافذ معينة لها، فمن خلال حركات تشبه التدليك، يقوم بسحب الشمس من جسم المريض، وتبدأ تلك الحركات من أسفل الظهر وحتى أعلاه، ثم يقوم بتجميعها في منطقة الجبهة أو المنطقة الخلفية للرأس، ويقوم بالضغط عليها بالأصابع.
طريقة أخرى يمكن بها إخراج ضربة الشمس عن طريق شد “عضمة الأذن”، ولكن تلك الطريقة غير مجدية مع بعض الأشخاص، ممن ليس لديهم القدرة على التحمل، إلا أنها خطرة وقد تؤدي لفقد الأذن.
“كوباية شاي وبرشامة ريفو”.. يوضح أبو النور، أنه يقوم بعمل جلسة علاج متكاملة، يفيق بعدها في أقل من ساعة، محذرا من التعرض لأشعة الشمس في فصل الشتاء خلال فترة الصباح وحتى الظهيرة، وكذلك خلال الفترة من بعد صلاة العصر وحتى المغرب، فيما أكد على أن التعرض للشمس في فصل الصيف مُضرّ في جميع الأحوال.
مهارات عديدة تعلمها أبو النور وامتاز بها عن والدته التي تسطيع علاج ضربات الشمس فقط، حيث يستطيع “قفل المخ” من خلال الربط عليه بقطعة قماش ومفتاح، فتلك مهارات بسيطة لم يتعلمها سوى في مدرسة الحياة، ويستخدمها مع ممن يعانون من الصداع أو أعراض أشبه إلى الارتجاج، حيث يشعر المريض بوجود حركة داخل رأسه.
وبواسطة خيط، يقيس أبو النور، من أعلى الظهر، أول الرقبة، وحتى أول الجبهة، ومن يمين الجبهة إلى يسارها مرورا بالمنطقة الخلفية من الرأس، ليحدد الفرق بين المسافتين بالقيراط، وهو مقياس يقوم بتقديره، يتمكن بعدها من “قفل المخ” بالقدر المناسب، وهي طريقة قد تؤدي إلى إحداث ضرر بالجمجمة، حال عدم وجودة خبرة كافية، بحسب أبو النور.
وبرغم تلك المهنة البسيطة، سمكرة البوابير، إلا أن صاحبها لا يقبل الحصول أي مقابل لعلاج ضربات الشمس، رغم أنه لا يحصل على أي دعم مادي من الدولة، آملا في أن تنظر إليه الحكومة بعين الاهتمام.