“الأطفال المعثور عليهم” ظاهرة غريبة تهدد المجتمع القنائي
تضامن قنا:200 أسرة تكفل أيتام مجهولي النسب
كتب: أحمد القواسمي و عبدالرحمن محمد
ظاهرة غريبة باتت تشهدها محافظة قنا، بشكل ملحوظ في الأونة الأخيرة، وهى العثور على أطفال لقطاء حديثي الولادة في الشوارع وفي الزراعات وداخل صناديق القمامة، الأمر الذي ينذر بكارثة اجتماعية تستدعي القلق في ظل مجتمع محافظ ويتمسك بقيمه الدينية والاخلاقية، ولتمسكهم بالدين ولعاداتهم الأصيلة لم يكن هناك اختلاط أو جرأة في التعامل بين الرجال والنساء.
يرصد “الشارع القنائي”، انتشار تلك الظاهرة التي تفشت في الأونة الأخيرة، مع كثرة الأطفال الذين عثر عليهم خلال فترات متقاربة بشكل لافت للنظر، وسط دعوات استنكار من المجتمع القنائي.
انتشار الظاهرة
ففي 16 ديسمبر الماضي، عثر الأهالي بمركز نجع حمادي، على طفل حديث الولادة ملفوف بقطعة قماش داخل صندوق قمامة، وحرر محضر بالواقعة وأخطرت النيابة العامة لتتولى التحقيقات، وتم إيداع الطفل بإحدى دور الرعاية.
وفي 2 يناير 2021م، عثر الأهالي على رضيع حديث الولادة، ملقى على الطريق الصحراوي بنجع حمادي، وتلقى اللواء محمد أبو المجد، مدير أمن قنا، إخطارًا، من مركز شرطة نجع حمادي، يفيد بالعثور على رضيع لقيط على قيد الحياة ملقى على الطريق الصحراوي أمام قرية البطحة، وتم نقل الرضيع إلى مستشفى نجع حمادي العام.
وفي 7 يناير 2021، عثر أهالي قرية “عزبة البوصة” بمركز أبوتشت على طفل حديث الولادة داخل كيس بلاستيك أسود بجوار موقف عزبة البوصة، وجرى إبلاغ الأجهزة الأمنية لاتخاذ اللازم، وتلقى اللواء محمد أبو المجد، مدير أمن قنا، إخطارًا بالعثور علي رضيع حديث الولادة داخل كيس بلاستيك أسود، على قيد الحياة بجوار موقف عزبة البوصة في مركز أبوتشت، وحرر محضر بالواقعة، ونقل الطفل لمستشفي أبوتشت المركزي.
واقعة جديدة
وفي صباح اليوم الخميس 21 يناير 2021، عثر أهالي قرية الغربي بهجورة، في مركز نجع حمادي، على طفلة حديثة ولادة ملقاه بمدخل إحدى القرى، وتلقى اللواء محمد أبوالمجد، مدير أمن قنا، إخطارًا يفيد العثور علي رضيع حديثة ولادة بحالة سيئة عمرها يوم بإحدى قرى الغربى بهجورة، وحرر محضر بالواقعة، ونقل الطفل لمستشفى نجع حمادي، وأخطرت النيابة العامة لتتولى التحقيقات.
استياء واستنكار شعبي
محمود أنور، يرى أن وسائل التواصل الاجتماعي واستخدام الإنترنت بشكل سئ ساعد على زيادة التواصل بين الشباب والفتيات بشكل سيئ، وعودهم الجرأة في التعامل، وتخطي الحدود الأخلاقية والانحطاط، مؤكدا أن وسائل التواصل الاجتماعي سهلت على المجرمين ارتكاب الجرائم من خلال معرفة طرق سابقة، والاطلاع عليها وتقليدها، بل وابتكار طرق أخرى.
وأضاف محمود فرج، أن الأسرة تقع عليها المسؤلية في عدم الرعاية للفتيات وسؤالها عن تصرفاتها، والحزم في التعامل خاصة في ظل الانفتاح الذي نعيشه، مستنكرا حوادث العثور على أطفال حديثى الولادة ملقاة بالشوارع وأمام المساجد مؤكدا أنها غريبة على المجتمع القنائي، وتتسبب في وجود طفل مجهول لا ينعم بحياة طبيعية في طفولته، فهو في أشد الحاجه لدفء والدين يرعانه.
محمد محمود، يندد بإلقاء الأطفال الأبرياء بالشوارع خاصة في ظل الطقس البارد الذي تشهده المحافظة، وحالة الصقيع العالية، فتارة يعثر الأهالي على طفل ملفوف بقطعة قماش بموقف سيارات، وآخر وسط الزراعات ذات الرطوبة العالية، وغيره داخل صندوق قمامة، مؤكدا أن جميعها مظاهر انعدمت منها الرحمة، وخلت منها مظاهر الإنسانية، مطالبا بضرورة تكثيف الجهود للوصول إلى ذوي الأطفال وتدشين المبادرات لتقليل نفقات الزواج، مع إقامة ندوات توعية ودينية.
قرار جمهوري لصالح مجهولي النسب
أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي، قرارا جمهوريا يقضي بمعاملة الطفل مجهول النسب، كالطفل اليتيم، وتضمن القرار رقم 15 لسنة 2015، لتعديل بعض أحكام قانون الضمان الاجتماعي 137 لسنة 2010، استبدال الفقرة “ج” من المادة الثانية، الخاصة بتعريف اليتيم، ليكون “كل من توفى والداه أو توفى أبوه ولو تزوجت أمه، أو مجهول الأب أو الأبوين”.
ووفقا لقرار يستطيع مجهولو النسب استخراج أوراق رسمية كشهادة الميلاد وبطاقة الرقم القومي، واستخراج أوراق يحصلون بمقتضاها على ضمان اجتماعي، وتأمين صحي، وشهادة ميلاد.
كما أصدر الرئيس السيسي، قرارا بقانون بتعديل بعض أحكام قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996، والخاص بتسليم الطفل مجهول النسب لأسرة بديلة، إذ كان القانون ينص على أن يسلم الطفل في عمر سنتين، وجاء التعديل لتقل المدة إلى 3 أشهر.
دور وحدة حماية الطفل
وقالت الكيميائية ثناء ضمراني، مدير وحدة حماية الطفل بأبوتشت، إنه يتم التعامل مع الأطفال المعثور عليهم فورا وتقديم الرعاية الطبية الكاملة لهم، وتسكينهم بدور رعاية الأطفال حديثي الولادة لحين الوصول لأهلهم أو إيداعهم في دور رعاية الأيتام، مضيفة أن بعض الأسر المحرومين من الإنجاب يلجأون لكفالة أحد هؤلاء الأطفال، ويتم ذلك بعد بلوغ الطفل سن 3 أشهر، ووفقًا للشروط التي حددتها وزارة التضامن الاجتماعي، والنيابة العامة.
وتابعت “ضمراني” أن طرق القضاء على هذه الظاهرة يبدأ بالتوعية في المدارس، وتجديد الخطاب الديني ليشمل مكافحة الظاهرة والقضاء عليها، وعودة دور الأسرة الرقابي على الأبناء وخاصة الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي.
دور جمعيات المجتمع المدني
ومن جانبه أضاف عمر الزوايدي، مسئول بجمعية أبوتشت لمستقبل أفضل ممثل عن جمعيات المجتمع المدني التي تخصص من أعمالها في حقوق الطفل، أنه بمجرد إخطارهم بالعثور على طفل، على الفور يتم التحرك لمعرفة احتياجات الطفل ومستلزماته، سواء توفير ملابس أو ألبان أو علاج أو دعم مادي، وتقديم كافة سبل الرعاية له، لافتا إلى أن الطفل يخضع لرعاية صحية، وإجراءات النيابة العامة، ثم يتم نقله إلى دار رعاية ويظل بها مدة 3 أشهر، مؤكدا أنه عند تقدم أسرة لرعاية وكفالة الطفل، يتم اختيار أسرة بديلة مناسبة بشروط معينة تضمن للطفل رعاية جيدة، تحت إشراف الجهات المختصة وبمشاركة منظمات المجتمع المدني.
أسباب انتشار الظاهرة
ويرى الدكتور هشام عبدالحميد، أستاذ علم النفس بجامعة جنوب الوادي، أن أسباب انتشار تلك الظاهرة يرجع إلى انهيار القيم الأخلاقية والسلوكية، وغياب الوازع الديني لدى الشباب، وارتفاع نسبة الطلاق، بالإضافة إلى المغالاة في المهور، وارتفاع أعداد العنوسة، والتفكك الأسري، وغياب الرقابة الأسرية من الوالدين على أبنائهم، كما أن إدمان مواقع التواصل الاجتماعي واستخدامها استخداما سيئا أدى إلى نزوح الشباب والفتيات إلى التفكير في تكوين علاقات غير شرعية.
الحد من الظاهرة
ويشير أستاذ علم النفس، إلى أنه يمكن الحد من ظاهرة الأطفال المعثور عليهم من خلال تنظيم برامج وحملات توعية للشباب و للفتيات، وتوعية الأسر بضرورة تحمل مسؤولية التوجيه والرقابة والتقرب من الأبناء ومراقبة سلوكياتهم، والاهتمام بالتوعية الدينية للشباب لتجنب الوقوع فى هذا الخطأ.
15 طفلا بمركز إيواء الأطفال
وكشف الدكتور راجي تاوضروس، وكيل وزارة الصحة بقنا، أن هناك مركز إيواء الأطفال المعثور عليهم بمركز الصحة الأوروبي، يسمى برعاية الأطفال المعثور عليهم، وبه حتى الآن 15 طفلا، مشيرا إلى أن دار رعاية الأطفال، يظل فيها الرضيع المعثور عليه لمدة عامين، وبعد ذلك تتبناهم دور رعاية الأيتام ومنها جمعية الأورمان، كما أن هناك مواطنين يرغبون في تبني الأطفال، ويتقدمون بطلب بذلك، ويتم تشكيل لجنة من الصحة والتضامن الاجتماعي والنيابة لإنهاء الإجراءات، بعد أخذ اشتراطات على المتبني بالحفاظ عليه.
شروط كفالة الأطفال
وقال حسين الباز، وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بقنا، إن شروط كفالة الأطفال يتم من خلال نظام الأسر البديلة، منها التأكد من صلاحية الأسرة وقدرتها على تلبية احتياجات الطفل ورعايته، على أن تكون أسرة مصرية مكونة من زوج وزوجة وولدين على الأكثر، ويكون أفراد الأسرة البديلة حاصلين على قدر من التعليم، وألا يقل سن الزوجين عن خمس وعشرين عاما وألا يزيد عن الستين، ويجوز للأرامل والمطلقات ومن لم يسبق لهم الزواج وبلغت من العمر ما لا يقل عن ثلاثين سنة كفالة الأطفال.
وأكد وكيل وزارة التضامن الإجتماعي بقنا، أنه بعد تسليم الطفل للأسرة البديلة يتم عمل متابعة دورية للطفل؛ للتأكد من تحقيق المصلحة الفضلى له، مشيرا إلى أن التقديم لكفالة الأطفال المعثور عليهم يتم في الإدارات الاجتماعية، وبعد إجراءات البحث والتحقق والتعاقد يتم تسليم الأسرة خطاب للرعاية الصحية لاستلام الطفل الذي ترغب في كفالته، مؤكدا أنه يوجد بمحافظة قنا حوالى 200 أسرة تكفل أيتام، كما يوجد بالرعاية الصحية نحو 15 طفلا.