“قارب العم حامد” يحكي قصة كفاح أسرته في قوص.. حكايات الرزق من قاع النيل
كتب: منى أحمد
في كل صباح، تشرق مركب صغير ومجدافين، مع شروق الشمس، بقرية الحلة في مركز قوص بمحافظة قنا، بإصرار يخرج في هدوء بين ضفتي نهر النيل، ترافقه زوجته سمراء اللون، ممسكة مع أدواته البسيطة، من شباك وخلافه، في رحلة رزق يومية، لتعينهم على مصاعب الحياة.
“علي باب الله” باتت تلك الكلمات العون الدائم، متولي حامد، 60 عاما، وزوجته أم محمد، حيث وجدا من صيد السمك، الملاذ الآمن بعد صلاة فجر كل يوم، لتبدأ رحلتهما الشاقة، بالنزول سويا ومعهما طفلهما الصغير يلاحقهم البرد القارص والأمواج المتلاطمة من كل اتجاه.
يقول حامد، إنه ورث مهنة الصيد، من والده وكان يعمل صيادا في بحيرة ناصر بأسوان، وبعد أن ضاقت به الظروف وكثرت عليه الديون، عاد إلى قريته ووقفت زوجته بجانبه حتى استطاع تسديد ديونه، وعملا معا في الصيد بالقرية ليضربا أقوى مثل في الكفاح.
ويتابع حامد، أن يومهما في الصيد يبدأ بعد أذان الفجر، فذهب هو وزوجته من منزلهم القريب من فرع للنيل، إلى مركبهم الصغير، لتكون مهمة زوجته هي التقديف بالمجدافين، فيما تكون مهمته هي جمع الشبك الذي قام بمبيته في المياه لاصطياد السمك، وبعد جمع الشبك يقوم بتفريغه من السمك، وفرزه إلى جزئين جزء منهم للسمك الكبير أما الجزء الآخر للسمك الصغير ومن هنا تبدأ مهمة زوجته وهي الأصعب.
تسرد أم محمد، “الزوجة ” مهمتها الثانية بعد تفريغ السمك من الشبك، قائلة “باخد السمك الكبير قد ما يطلع ولو كتر بيبقي 3كيلو، وألف بيه على البيوت وأبيعه وهو ورزقه 15جنيه أو 20جنيه للكيلو” أما السمك الصغير فنقوم بصنعه فسيخ أنا وزوجي بندفه كويس ونفتحه ونملحه ونسيبه فترة في صفيحة ونبيعه.
وتابعت الزوجة، مهنة الصيد من أصعب المهن وواجهتنا العديد من المصاعب ومنها ارتفاع الموج والرياح، فضلا عن أشكال مختلفة من الأسماك هاجمتنا عند الصيد ولكن ” اكل العيش مر وأحسن من مد الأيد”.
وعن الظروف المعيشية الصعبة يقول حامد، إنه يعيش مع أسرته، في منزل بسيط ورغم مرضه إلا أنه يعمل لتوفير لقمة العيش لأسرته وأبنائه الأربعة، لافتا أنه كان يتقاضى معاش تكافل وكرامة وكان يساعده مع عمله في الصيد، ولكنه تفاجئ بوقف المعاش منذ 3سنوات دون سبب، متمنيا من المسؤولين بالتضامن الاجتماعي بعودة المعاش حتى يساعده على الإنفاق، على أسرته خاصة مع الغلاء وارتفاع الأسعار.
واختتم الرجل الستيني كلامه، أن الصيد مهنة تغني عن التسول والتواكل على الغير، لكنها أصبحت غير مجدية، ورغم ذلك لن أتخلى عنها، فالصير والتفاؤل أمور كثيرة تعلمناها من النيل والصيد فالسمك خير صديق ينقذه وقت ضيقه.