فيديو وصور| “أبو صابر السمكري” 52 عاما في تصليح وابور الجاز وإصلاح الشيش بنقادة
أقدم سمكري شيشة بنقادة يروي تجربته
كتب_ صابر سعيد
كل ما حوله يعكس قدم المكان ويصف ما يحتويه من أشياء بسيطة جعلت المسن الستيني يكمل مشواره بهذه الحياة، باب من الخشب العتيق وسقف من الجريد وجسم الأشجار والنخيل، وقوالب طوب من الحمراء، مبنية بالطين، ومساحة لا تتعدي المترين، عاش فيها سمكري الشيش وقتا طويلًا من حياته، تلامس يداه أدوات بسيطة لتصلح ما حطمته الأيام لتعيدها كما كانت.
ففي زاوية صغيرة من دكانته تجد العم ثابت موسى، أو كما يناديه المجاورين أبو صابر السمكري، صامدًا في مكانه كصمود الجبال، بشارب أختلط بياضه بسواده، وبشرة قمحية اللون، ونظارة يري بعيونها مصدر رزقه الوحيد يستقبل ثابت زبائنه القليلة بشارع السوق القديم جنوب محافظة قنا ليصلح لهم الشيش ويبيع أدواتها منذ أكثر من نصف قرن من الزمان.
يقول ثابت موسي، سمكري شيش ووابور الجاز، إنه عمل في هذه الصنعة منذ أن كان صغيرًا وتعلمها علي يد ابن خالته الذي يكبره في المجال وهو بسن التاسعة لتصبح المهنة التي يرزق منها وتساعده على متطلبات الحياة، واستمر في العمل مع ابن خالته حتى وصل إلى مرحلة متقدمة بها ثم تركه ليعمل بمفرده في مكان مستقل بدكانته منذ أكثر من 52 عامًا، ويعتمد عليها كمصدر أساسي في الكسب.
ويتابع موسي، لافتًا أن صنعته تتلخص في لحام الشيش وبابور الجاز ورغم أن معظمها أصبح غير متوفر في هذه الأيام بخلاف الشيش التي تراجع الإقبال على تصليحها في حال الكسر إلا أنه حافظ علي التراث القديم كما هو، ويعمل فيها عددًا قليلًا بالسوق لا يتعدى الفردين، معظم من كبار السن تركوها لعدم مقدرتهم على العمل.
ويؤكد سمكري الشيش، أن الإقبال على تصليح الشيش وشراء مستلزماتها تراجع منذ جائحة كورونا بنسبة كبيرة زادت شهورها عن الـ 5 أشهر، جعلت الكثير يمكث في المنازل لتعطل الأشغال وتراجع الشراء والبيع، وهو لم يختلف كثيرًا على هؤلاء الأشخاص الذين تعطلت أعمالهم، ورغم ذلك يفتح ثابت أبوابه للزبائن لأعمال اللحام بأسعار بسيطة وتحويل الأشياء التالفة إلى جديدة مرة أخري للعمل بها في المقاهي والمنازل، حيث يستخدم أدوات مياه النار والقصدير والكاوية والشاكوش والمبرد والمقص.
“وقت ما ربنا يأخذها أهينا قاعدين” بابتسامة تملأ وجهه يجيب العم ثابت علي سؤال هل ستندثر الصنعة أم لا، مجيبًا وقتما يشاء الله أن تنتهي ستنتهي ونحن مستمرون في العمل بها إلى نهاية العمر، مضيفًا أن أبنائه لم يكتسبوا تعلم تلك الحرفة فعمل معظمهم في حرفة تركيب السيراميك والأشغال اليدوية لمساعدة أنفسهم ومساعدته في مصاريف منزل العائلة.
ويوضح موسي، أن الإضافات الأخرى التي تباع في المحل بجانب تصليح الشيش وبابور الجاز هي ” حجر الشيشة، طربوش الشيشة، خرطوم الشيشة، المعسل، وبعض من الأدوات المنزلية التي تستخدمها السيدات مثل أدوات النظافة وصواني الخبز.
ويختتم حديثه عن أمنيته أن تبقي سيرته لوقت طويل بعد مماته وأن يذكره الأشخاص بالخير، قائلًا ” الغني سيموت وكذلك الفقير ولا فرق بين من يمتلك فلوس أو من لا يمتلك ولكن الأهم الصحة والستر ورضا الله ومحبة الناس”.