قال في الأولى
يا طارقَ البابِ لا أهلٌ ولا بابُ
مَنْ قد عرفتَهمُ غابوا وما غابوا
لا تُكْثِرِ الطَّرقَ ما في الدار من أحدٍ
هلِ الفناءُ – إذا ناديتَ – جَوّابُ
أُمي هناك بأرضٍ لا يُبلّغُها
إلا الذين مضَوْا للخُلْدِ ما آبُوا
أبي هناكَ بجناتٍ يروحُ بها
والدّارُ تبكي وبابُ البيتِ نَحّابُ
لا تحسبِ الدمعَ ماءً بالعيونِ جرى
فللدموع مناشيرٌ وأنيابُ
يا طارقَ البابِ كفكفْ فالطلول نَمَتْ
صمتًا يُقيمُ، وما في الدارِ أصحابُ
قد غَيَّبَ الموتُ أرواحا نعيشُ بها
كأنه لم يكنْ في الدّارِ أحبابُ
ويقول في الثانية
أنا لا أريدُ تصَبُّرا وعزاءَ
فالقلبُ من ثقلِ المصيبةِ ناءَ
ماذا يفيدُ القولُ بعدَ رحيلهمْ
كانوا هنا ملءَ العيونِ صفاءَ
قفْ بالدّيارِ لعلَّ أرواحا هنا
تأتي لتبصر كيف ربكَ شاءَ
ما لي أودّعُ كلَّ يوم صاحبا
أَلِفٌ تودّعُ كل يوم ياءَ
هَبْني تحمَّلْتُ الوداعَ لساعةٍ
كيفَ التحملُ صبحةً ومساءَ
يا موتُ كيفَ تحاوروا في موتهم؟
هل أوْدعوكَ تحيةً ورجاءَ؟
هلْ يبصرون محازنا بقلوبنا
كم يورِثونَ مدامعا وبكاءَ
ومضيتمُ للقبرِ، أيديكُمْ حَثَتْ
فوق الجباهِ التُّرْبَ والحصْباءَ
ورجَعْتُمُ وكأنّ شيئا لم يكنْ
وكأن ًموْتي حينَ عُدْتمْ جاءَ