كولديرات المياه “شربة ماء” وسيلة للحياة أو الموت صعقًا.. هل تنجح الوحدات المحلية في جعلها آمنة؟!
كتب: عبد الرحمن الصافي وأحمد القواسمي ومنى أحمد وسمر سليمان وسمر قاسم
تنتشر “مبردات المياه” بشوارع مراكز قنا المختلفة وقراها، وأمام المنازل والمساجد والمحلات وبجوار المؤسسات الخاصة كالمراكز والمستشفيات، والتي تعد المصدر الوحيد للمواطنين للحصول على مياه الشرب المجانية أثناء سيرهم في الشوارع، ويلجأ الكثير من المواطنين القادرين ماديا إلى شراء تلك المبردات، ووضعها في الشوارع العامة كنوع من الصدقة الجارية على أرواح ذويهم، ولكن نتيجة الإهمال في صيانة “الكولديرات” تَعرّض بعض الأطفال للوفاة عن طريق الصعق الكهربائي.
الكولديرات.. صدقة جارية
يقول أحمد برعي حمادي، أمين الشباب بحزب مستقبل وطن بأبوتشت، إن مبردات المياه المنتشرة في الشوارع هي عمل خيري يقوم به المواطنون كصدقة جارية على أرواح ذويهم، ولكن وجب على من قام بتركيب “الكولدير” في الشارع متابعته وصيانته فيما بعد التركيب، لافتا إلى أن الإهمال في صيانة “الكولديرات” يتسبب في وفاة المواطنين صعقا بالكهرباء مثل نزول وتسرب بعض المياه من الكولدير على الموتور فيتسبب في “كهربة الكولدير”، وبالتالي وفاة المواطنين أثناء الشرب منه.
وسائل لنقل العدوى بفيروس كورونا
ويضيف “برعي”، أن مبردات المياه تعتبر مصدرا لنقل العدوى بفيروس كورونا من خلال استعمال الأكواب الموجودة بالكولدير، مناشدا المؤسسات الحكومية أو الخاصة أو المواطنين عند تركيب “كولدير” أن يكون بالداخل مع خروج “حنفية” للشرب منها، واستعمال أكواب بلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، منعا لنقل العدوى بين المواطنين.
ويوضح شريف عبدالنعيم، صاحب محل سجاد بمركز أبوتشت، أن مبردات المياه يركبها الأهالي كنوع من الصدقة الجارية على أرواح ذويهم، وهي تخدم المارة والمواطنين في الحصول على كوب مياه أثناء سيرهم في الشوارع، وذلك لاقتدائهم بقول الله تعالي: “وجعلنا من الماء كل شيء حي”.
ويتابع “عبدالنعيم”، رغم فوائد الكولديرات إلا أنها تعتبر مصدرا لانتقال العدوى خاصة في ظل انتشار فيروس كورونا، وتتسبب في وفاة بعض الأطفال عن طريق الصعق الكهربائي، الناتج عن الإهمال في صيانة الكولديرات أو بسبب لعب الأطفال في أسلاك الكهرباء الموصلة بالكولدير.
وفي قوص، أصبحت مبردات المياه التي يتم تركيبها عشوائيا، هي الطريق السريع نحو الموت، خاصة بعد مصرع عدد من الأطفال نتيجة الصعق الكهربائي بدائرة المركز، كان آخر ضحاياها طفل لم يتجاوز عمره الـ12 عاماـ لتكون حياتهم ثمنا لشربة ماء.
يقول محمد فوزي، أحد أهالي قوص، إن المبردات رغم خطورتها إلا أنها هامة في الشوارع خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة وحاجة الأطفال والأهالي لريّ عطشهم، لافتا إلى أنه يمكن تفادي أخطارها من خلال المراقبة والصيانة الدورية لها.
الحل
ويؤكد محمد جلال، أحد الأهالي، على أن إزالة المبردات من الشوارع ليس بحل للمشكلة ولكن المتابعة وإلزام المسؤولين عنها بصيانتها هو الحل حفاظا على أرواح أطفالنا.
الكولديرات في الشوارع تعتبر أكبر خطر على الأطفال لما يتعرضون له من صعقات كهربائية بسبب الإهمال في صيانة تلك الكولديرات، مما يتسبب في وفاتهم، فضلا عن القلق الذي يراود الآلاف من الأهالي؛ خوفا على أطفالهم من الكولديرات التي انتشرت بكثرة وسط الشوارع دون أي عازل لها يحمي الذين يقتربون منه بقصد الشرب، بحسب محمد عباس، من الأهالي.
ويضيف علي محمد، طالب، أن أحد جيرانه كان يلهو مع أصحابه في الشارع وعند الذهاب إلى الكولدير أمام منزلهم ليشرب أمسك به الماس الكهربائي فصعقته الأمر الذي أدى إلى تصليبه في الكولدير من شده الصعقه وعند نقله إلى مستشفى الوقف المركزي كان قد فارق الحياة من شدة الكهرباء التي أودت بحياته.
وتؤكد سعيدة علي، ربة منزل، على أن سبب انتشار الكولديرات في الشوارع، هو أنها صدقة جارية على روح مرحوم أو سبيل للعطشى أثناء سيرهم، لكن هناك إهمال كبير في المرور على هذه الكولديرات للتأكد من إجراء صيانة لها، وخاصة مع انتشار حالات وفيات كثيرة بسبب الصعق الكهربائي، وكما أنها تعتبر إهدار للمال العام عبر توصيل وصلات الكهرباء لها من الأعمدة القريبة أو سرقتها من تيار المنازل ويجب أن يكون هناك تصاريح خاصة لتركيبها من الجهات المختصة ولكن لا يوجد أي مراقبة.
ويلفت أحمد عزت، صاحب أحد مبردات المياه، إلى أنه قام بتركيب الكولدير كصدقة جارية لوالدته المتوفاة، وأنه يوصل له الكهرباء من شقته كما يوصل إليه حنفية مياه، مؤكدا أنه في ظل درجات الحرارة المرتفعة في مدينة قنا، يبحث الأهالي أثناء مرورهم في الشارع علي تلك المبردات للشرب منها، كما أن الأطفال الذين يتخذون من مياهها وسيلة للترويح عن أنفسهم من الحر الشديد ولكنهم لا يعلمون أنه من الممكن أن تنتهي حياتهم بسبب تعرضهم للصعق الكهربائي.
ولا يضع محمود خلف، من الأهالي، بخاطره ما إذا كان صاحب الكولدير، يوصل كهرباء له من الشارع أو من منزلهم وإن كانت الوصلات سليمة أم لا، الأهم لديه أن يروي عطشه من المبرد، فهو عندما يرى المبرد في الشارع يشرب منه مباشرة لشعوره بالعطش الشديد بسبب درجات الحرارة المرتفعة في الشارع.
ميار وافي، ولية أمر لأحد الأطفال بمدينة قنا، تقول إن أطفالها يلعبون كرة القدم في الشارع ويشعرون بالعطش فيشربوا من أحد الكولديرات الموجودة بالشارع، رغم أنها تحذرهم كثيرا بعدم الشرب منه لخوفها عليهم من التعرض للتيار الكهربائي بسبب ما تسمعه عن حوادث موت الأطفال بسبب الكولدير.
وسائل حماية المواطنين من الصعق الكهربائي بسبب كولديرات المياه
محمود عز، من الأهالي، يرى أن أفضل الطرق لتجنب الصعق الكهربائي من الكولديرات، هو أن يتم حفظها داخل غرفة مبنية، لا يخرج منها سوى صنبور المياه، حتى لا يتعرض جسم الكولدير لأي مياه قدر الإمكان، خاصة بسبب السلوكيات غير السليمة من البعض برش ما يتبقى من المياه على جسم الكولدير مما يسبب ماسا كهربيا.
ويتابع، أن الغرفة التي يتم حفظ الكولدير بها، تمنع الأطفال من العبث به وبأسلاكه كما تحميه من الأمطار أو أي مياه، ومن أشعة الشمس خاصة بسبب وجود أغلب الكولديرات أسفل أشعة الشمس، مما يعرض الأسلاك للانصهار وبالتالي يحدث الماس الكهربائي.
ويشير عز، إلى أن استخدام أكواب من البلاستيك التي تستخدم مرة واحدة، ووضعها على كولديرات المياه، يعد وسيلة جيدة لمنع انتشار فيروس كورونا خلال هذه الفترة
وسائل حماية الكولديرات من الماس الكهربائي
وسائل أخرى، للحماية من وقوع كاس كهربائي، يغفل عنها الأهالي عند تركيب الكولديرات، وهي تركيب مفتاح اتوماتيكي، وتوصيل أسلاك الكولدير على ذلك المفتاح مما يؤدي إلى فصل الكهرباء عن الكولدير مباشرة حال وجود أي خلل به، مما يحمي المواطنين من وقوع أي حالات صعق كهربائي، بحسب جمعة رحيل، أحد الأهالي.
كذلك فإن تركيب “فيلوسكيب”، كما يشير “رحيل”، يمنع حدوث أي ماس كهربائي، فهو عازل حراري، يجب تركيبه في نهاية الوصلة الكهربائية بنقطة اتصالها بالكولدير، حتى لا يؤدي سقوط المياه على تلك النقطة لوقوع ماس كهربائي، ونفس الحماية تتحقق عند حدوث حريق به، مؤكدا على ضرورة إجراء المتابعة الدورية للوصلات الكهربائي بالكولدير.
ويلفت “رحيل”، إلى أنه رغم تلك المخاطر، فإن الكولدير أفضل من الزير، فالثانس عرضة للحشرات أو عبث الأطفال به، خاصة إذا كان بمكان عام، كما يتطلب تغيير المياه باستمرار لضمان نظافتها.
أبرز وقائع وفاة الأطفال صعقا بالكهرباء بسبب الإهمال في صيانة “مبردات المياه”
ويستعرض “الشارع القنائي” وقائع وفاة الأطفال عن طريق الصعق الكهربائي بسبب الإهمال في صيانة “مبردات المياه”
ففي 17 يوليو 2019م، لقي الطفل محمد علاء جابر، 12 عاما، مصرعه صعقا بالكهرباء، وذلك أثناء محاولته تناول كوب من المياه من كولدير بأحد شوارع مدينة قوص، وتحرر محضر بالواقعة، وأخطرت النيابة العامة لمباشرة التحقيقات.
وفي 4 أغسطس 2019م، لقى الطفلة قمر شعبان أبو الفضل، 7 سنوات، مصرعها بعدما تعرضت للصعق الكهربائي أثناء محاولتها تناول المياه من” كولدير” بجوار منزلها، بقرية أولاد عمرو التابعة لمركز قنا، وتم نقل الجثة إلى المستشفى، وتحرر محضر بالواقعة، وأخطرت النيابة العامة لتتولى التحقيقات.
وفي 10 أغسطس 2020م، لقي الطفل محمد سعيد حلمي، 13 عاما، مصرعه بصعق كهربائي في كولدير مياه، بقرية المراشدة التابعة لمركز الوقف، شمال محافظة قنا، تم نقل الطفل لمشرحة مستشفى الوقف المركزي، وتحرر محضر بالواقعة، وأخطرت النيابة لتتولى التحقيقات.
رد مسؤول:
يقول محمد مصطفى، من هندسة كهرباء الوقف، إن الكولديرات في الشوارع تم تركيبها بدون تصاريح من الأهالي وأنه في فترة فيروس كورونا تم تعطيل جميع الكولديرات وأنه سوف نقوم بحملة مكبرة لإزالة الكهرباء من الكولديرات والمتواجدة في الأماكن العامة والخطرة على الأهالي وغير الصالحة للاستخدام.
وأكد مصدر مسؤول بالوحدة المحلية لمجلس مدينة قوص، على أنه بعد تكرار حوادث صعق الأطفال من مبردات المياه صدر قرار بإزالة المبردات من الشوارع وإلزام أصحاب المنازل المسؤولة عن تركيب المبردات أمام منازلهم بتعهدهم ومسؤوليتهم الكاملة عن صيانتها ومتابعتها، فيما أكد مصدر بهندسة كهرباء قوص، على قيامهم بعمل حملات وتحرير محاضر وفصل التيار الكهربائي من المبردات لتشغيلها عشوائيا من خلال سرقة التيار الكهربائئ.