كتب: منى أحمد
على ناصية رصيف شارع ميدان النوبة بمدينة قوص، أمام نادي السلة، يقف صاحب الـ80 عاما، بوجه يملؤه ابتسامة الرضا، بمقطف من “خوص الجريد” ممتلئ بقناديل الذرة الشامية الشهية، التي تدفعك رائحتها دفعا للشراء منه.
ولكن خلف الابتسامة نجد قصة طويلة من الكفاح بطلها، عبد الفتاح أحمد إبراهيم، الذي دفعته الظروف إلى العمل، بعد خروجه على المعاش للإنفاق على 4 بنات و3 أولاد وأحفاده.
يقطع العم عبدالفتاح، مسافات طويلة، من الزراعات إلى منزله ثم الرصيف، طلبا للرزق لتحمل تكاليف الحياة بعد خروجه على المعاش برغم كبر سنه، حتى وإن كلفه ذلك مشقة وتعب، يخرج من السادسة صباحا كل يوم، من أجل جمع بضع جنيهات يكسبه بعد ساعات من العمل في بيع” قناديل الذرة الشامي” المشوية في مدينة قوص.
يقول “العم عبد الفتاح”، أنه كان يعمل سباك بشركة المياه والصرف الصحي بقوص، التابعة لهيئة مياه الشرب، ونظرا لظروف عمله، أصيب بأورام سرطانية على القولون، قام على إثرها بإجراء عمليتين لاستئصال الورم ثم العلاج الكيميائي، لتبدأ رحلته مع الشقاء لمساعدة أبنائه متحديا كل ظروف المرض، وكبر السن من أجل لقمة العيش الحلال.
ويشير “الرجل المكافح” الى أن عمله في بيع الذرة الشامي ورثه عن والده، وعمل به منذ صغره، وحتى بعد التحاقه بالعمل في الصرف الصحي، كان يعمل في أوقات الراحة والإجازات ببيع الذرة، كعمل إضافي يساعده على الظروف المعيشية الصعبة.
وتبدأ رحلة “الرجل الثمانيني”، يوميا من الساعة الرابعة عصرا، بعد ذهابه إلى المزارعين في القرى لشراء قناديل الذرة الشامي، لتبدأ رحلة العمل الثانية وبطلها بناته في المنزل، وهي تقشير قناديل الذرة الشامي، ثم تسخين الفرن البلدي وبعدها شوي القناديل.
ومن هنا تبدأ رحلة “العم عبد الفتاح” في حمل مقطفه الممتلئ بالذرة الشامية إلى مدينة قوص، أسفل رصيف بجوار عشرات الباحثين عن لقمة العيش من بيع الخضروات والتمر، يفترشون الرصيف لعدة ساعات تمتد من الساعة 7 صباحا حتى نفاذ بضاعتهم بكل رضا وشكر لله”.
ويشير الرجل المكافح، إلى أن موسم العمل في بيع الذرة الشامي، هي 3 أشهر فقط في العام، مع موسم حصاد الذرة، ننتظره من العام للعام.
ويضيف “عبد الفتاح”، أن له 3 أبناء من الشباب، وكان يتمنى أن يتم توظيف واحد منهم في شركة المياه والصرف بقوص، نظير ما قدمه للشركة طوال فترة خدمته، مرددا” طول ما في نفس حشتغل” عشان أساعد أولادي مع الظروف الصعبة وغلاء المعيشة”.