الشارع السياسيبروفايلديوان المشاهير

أشرف رشاد يكتب عن النائب حامل الراية

 

القارئ للتاريخ، يقول أن قنا التي كانت عاصمة للعصبية القبائلية، كانت في ذات اللحظة أيضًا.. ميدانًا للحب، الحب والعصبية نقيضان، تصارعا ويتصارعا دومًا  على مدار التاريخ في الحلبة السياسية بقنا، والعصبية والحب دومًا ما كانا أحصنة الرهان في الوصول إلى قبة البرلمان.

مصر: حملات الانتخابات التشريعية تغري آلاف المصريين والسيسي نجمها المفضل

هناك من يمتطي العصبية ليصل إلى مبتغاه، وهناك من يصل إليه ممتطيًا حصان الحب، وعند محطة الوصول، يختلف الأمر، فارس الحب يصل هنيئا.. طيبًا.. مرتاح البال، أما الآخر فيصل جاهدًا.. مُجهدًا.. كئيب الحال.

 على أن التاريخ الذي  شهد ويشهد هذا الصراع بين العصبية والحب كأفراس رهان في العمل السياسي بقنا، دائمًا ما يحتفظ في كتابه بصفحات بيضاء لفرسان الحب، صفحات تفوح منها رائحة الطيب، التي يظل عطرها فواحًا كلما جاء ذكرهؤلاء الفرسان في جلسات السمر وحكايات الناس، ومن ذلك كانت و ماتزال رائحة النائب محمد عمر عبد الرحيم حامد عبقة في الأرجاء، تفوح بالحب من الأرض إلى عنان السماء.

أشرف رشاد يكتب: محمد محمود في كتاب التاريخ

لا أجدني قد أذعتُ سرًا، عندما أتحدث عن الطريقة التي جاءت عليها الإنتخابات الأخيرة، بأن حزبنا “مستقبل وطن” حرص على موازنة التمثيل السياسي بقنا، ليشمل مختلف المكونات، لكن عصرًا ما  مَرَ على قنا، لم يكن هذا الأمر هو شغلها الشاغل كما هي عليه الآن، عصر أسقط كافة الحسابات القبائلية من حساباته السياسية، وتمسّك فقط بالقيم الإنسانية، معيارًا وحيدًا للإختيار، كان ذلك عندما صعد المجتمع القنائي بكافة مكوناته القبائلية بنائب وشقيقه إلى قبة البرلمان، ليمثلا شعب قنا العاصمة بكامله.

عن النائب محمد عمر عبد الرحيم حامد وشقيقه النائب عبدالرحيم عمر حامد، أتحدث.. شقيقان تحت قبة البرلمان في وقتٍ واحد، وما كان ذلك ليكون إلا بالحب، الحب.. الذي كان قديمًا.. معيارًا قويًا في الإختيار، قنا وقتها.. وقد كانت على نفس المكونات القبائلية الحالية، لم تقف عند القبائلية كمعيار  انتخابي في الإختيار، إنما وقفت عند قيّمٍ أخرى، عمادها.. البساطة، التسامح، التواجد بين الناس.. والحب، وبتلك المعايير لم تجد حرجًا أن تصعد بشقيقين في وقت واحد إلى قبة البرلمان.

كان النائب محمد عبد الرحيم حامد مثالًا للتواضح والتسامح والبساطة، ينثر الحب في وجوه الناس، الناس كل الناس، والناس كل الناس قلّدوه راية التوافق المجتمعي في بلد قلّ ما يتوافق اجتماعيًا في الانتخابات، فكان أفضل من حمل الراية، راية التوافق المجتمعي، فما أجملها من راية، وما أجمل حاملها.

كان الحب سلطان، وسلطان الحب، كان دومًا.. رمّانة الميزان في السلم والأمن الإجتماعيين بقنا

الذاكرة الشعبية تقول أنه بعد وفاة النائب القدير اسماعيل معتوق، عندما عُقدت الإنتخابات التكميلية، من حبهم للنائب محمد عمر عبد الرحيم حامد، منحوا أصواتهم لشقيقه المرشح عبدالرحيم عمر عبد الرحيم حامد، كأنما أرادوا أن يمنحوه مقعدًا فوق المقعد، حبًا في سماحة الرجل وبساطته، وسعيّه الدائم بينهم بالحب، كان الحب سلطان، وسلطان الحب، كان دومًا.. رمّانة الميزان في السلم والأمن الإجتماعيين بقنا، ومن ذلك كانت تجربتنا الوليدة في تحالف نواب قنا.. اجتمعنا على الحب، وأن يكون الحب نبراسنا الذي يضيئ لنا الطريق في السير إلى الناس.

تحكي لنا الذاكرة الشعبية أن النائب محمد عمر عبد الرحيم حامد الذي دخل البرلمان عام 1969 وبقي فيه حتى وفاته عام 1980 كان مثالًا للنائب الشعبوي، البسيط، المحب للناس، ولم يكن ثقله الشعبي فقط في مجتمع قبائل الأشراف، بل على العكس، كانت أولاد عمرو والحجيرات ودندرة، وقرى غرب النيل وشرقه على حدٍ سواء مراكز ارتكاز شعبي دائم للرجل عليه رحمة الله، وهو إلى ذلك أيضًا فقد سجلت له الذاكرة الشعبية، أنه انتصر سياسيًا للقبطي فكري باشا مكرم عبيد على حساب شقيقه النائب عبد الرحيم، إذ طلب من شقيقه، أن يتنحى لإفساح الطريق أمام فكري باشا، في واحدة من أروع مواقف الرجل في التعاضد الشعبي بين عنصري الأمة.

تلك هي قنا التي كانت.. وهذه هي قنا التي نحب أن تكون.

 

جمعتكم طيبة

أشرف رشاد

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق
إغلاق