تعرف على قصة “دير أبو الليف الأثري” بنقادة.. ما سر تسميته بهذا الاسم؟
كتب: أحمد القواسمي
تضم محافظة قنا العديد من الأديرة القديمة ذات الطابع الأثري الجميل، ومن بين تلك الأديرة هو “دير أبو الليف الأثري” الذي يقع في قرية حاجر دنفيق التابعة لمركز نقادة، والذي يتبع تفتيش آثار نقادة بمناطق آثار محافظة قنا الإسلامية والقبطية.
القديس أبو الليف
بحسب كتاب سيرة القديس أنبا أندراس، ترجع نشأة الأنبا أندراس الشهير بـ “أبو الليف” إلى قرية شنهور بمركز قوص بمحافظة قنا، والده يدعى “يواقيم”، وكان ذا مال وأراضٍ ومواشٍ كثيرة، وأمه تدعى “حنة”، وكانت سيدة فاضلة.
عُرف عن القديس أمانته وصلاحته منذ طفولته، فذات يوم خرج مع والده إلى الحقل، فرأى والده يقطف سنبلة من حقل جاره، فنظر إليه في عتاب، وبدأت ينهي والده عن هذا الفعل، فدُهش الأب وبقي صامتا، وكان كلام ابنه عبرة له طوال حياته.
النسك والرهبنة
كما ذكر في كتاب سيرة القديس الأنبا أندراس، أنه عندما بلغ القديس الـ10 من عمره، كان والده يتركه ليرعى جميع الأغنام والمواشي، وكانت أمه تعطيه الطعام ليأكل وهو خارج المنزل غنمه القليل، ولكن كان الصبي يبحث عن المحتاجين ويعطيهم الطعام ويظل صائما حتى المساء.
عندما أكمل القديس من العمر 20 عاما، بدأ يفكر في الرهبنة، فترك الأغنام مع الرعاة، وحول أنظاره إلى العرب قاصدا دير الأنبا صموئيل في الصحراء، وأصبح من الرهبان، ولبس الأسكيم المقدس.
كان الأنبا أندراس تلميذا للقديس بسنتاؤس أسقف مدينة قفط لفترة دامت 33 عاما، ورئيسا لكهنة الرب، ورسمه قمصًا، ثم رئيسا لدير الصليب المقدس، يؤدي الصوم والعبادة، حتى تنيح في اليوم الثامن عشر من شهر طوبة وصعد إلى السماء.
سبب التسمية
ووفق كتاب السيرة، أن سبب تسميته باسم “أبو الليف” حيث يتردد أنه أوصى الأسقف بسنتاؤس عند نياحته بوضع جسده على عربة تجرها الخيول، وأن يكون كفنه من الليف، وبعد أن مات قام الأسقف بسنتاؤس متوجها إلى النخلة لإحضار الليف لعمل الكفن للأنبا أندراس حسب ما أوصاه، وصنع له تابوت من الخشب، ووضعوه فيه، ووضعوا التابوت على العربة، فظلت العربة تسير حتى توقفت شرق دير الصليب، فوجدوا قبرا منحوتا، وتم دفنه في القبر، والتي بنيت فيما بعد كنيسة على قبره المقدس، وهي موجودة إلى يومنا هذا.
تاريخ الدير
يقول محمد محمود، مفتش آثار بمكتب تفتيش آثار نقادة، إنه من طريقة بناء الدير والكنيسة التي به، يتضح تهدم الكنيسة القديمة، وإحلال أخرى جديدة مكانها يؤرخ لها بالقرن الـ 18 أو 19 الميلادي، مشيرا إلى أن هذا الدير ابتدأ بقبة فوق مدفنة القديس، ثم بُنيت في العصور اللاحقة كنيسة، ويرجح أنها بُنيت في العصر الفاطمي، ومن المرجح أن هذا الدير قد بُنى في نهاية القرن السابع أو منتصف القرن الثامن الميلادي.
موقع الدير
يضيف، أن الدير يقع في قرية حاجر دنفيق إحدى قرى مركز نقادة، وهو من أهم الأديرة التي تقع في برية جبل الأساس بنقادة، كما أنه يقع داخل كتلة سكنية وزراعات.
وصف الدير
يتابع، أن الدير يتكون من كنيسة رئيسية وهى كنيسة الأنبا أندراس، التي تقع في الركن الجنوبي الشرقي من الدير، وقد تهدمت الكنيسة القديمة، وتم إحلال كنيسة جديدة تؤرخ بالقرن الثامن عشر أو التاسع عشر الميلادي.
يوضح “مفتش آثار نقادة”، أن الدير عبارة عن مساحة مستطيلة الشكل، له أسوار من الطوب اللبن ذات دعامات وأكتاف ساندة، وذلك لطول المساحة المستطيلة، حيث يقع في الركن الشمالي الغربي مدخل الدير وهو عبارة عن باب حديدي على أعمدة خرسانية، أما الناحية الشمالية عبارة عن سور بطول 47 متر تقريبا، والناحية الشرقية عبارة عن سور بطول 25 متر تقريبا.
ويشير “مفتش الآثار”، إلى أن كنيسة الأنبا أندراس الأثرية عبارة عن 4 أروقة تتكون من 9 أكتاف مسقوفة بـ 12 قبة، وتشتمل على 4 هياكل هي “العذراء، أبو مقار، أبو الليف، الأنبا أنطونيوس”، كما يشتمل الدير على ملحقات خدمية عبارة عن مطعم وقلاية ودورات مياه ومكتبة خاصة بالدير، لافتا إلى أن الدير خضع لمشروع ترميم معماري ودقيق شامل بناء على موافقة اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية.