أشرف رشاد يكتب: في رثاء نائب الجميع
لم تكن حالة الحزن على وفاته الاسبوع الماضي والتي اختلجت قلوب مختلف مكونات المجتمع القنائي، إلا ترجمة وتأكيدًا على أن للرجل إرث في قلوب القنائيين لم يخفت نوره في صدورهم برغم طول المدة التي طلّق فيها الراحل عليه رحمة الله السياسة.
تأملوا معي سير الراحلين عنا من أساطين السياسة في قنا، ستجد أن بضاعتهم في الحب هي التي تبقى، أكثر من بضاعتهم الخدمية، برغم أن الأخيرة قد تكون سببًا للأولى، لكن وهج الخدمات يأفل، ويبقى وهج الحب الذي أضاءته خدماته وهو لا يفرق بين مكوّن وآخر.
ربما كلماتي أو شهادتي في حق الدكتور الراحل قد تكون مجروحة كوني أنتمي إلى نفس المكون الذي ينتمي إليه الفقيد عليه رحمة الله
لكنني سأستدعي موقفًا شهدته قبل أسابيع في لقائي بأهالي مجلس قروي أبنود في نجع الشيخ عبيد عندما صحبني في اللقاء الزميل النائب مصطفي محمود نجل النائب الراحل الدكتور محمود مصطفى، إذ لاحظتُ حالة من الاُلفة والتقارب بين النائب الزميل مصطفى محمود وأهالي أبنود والكلاحين وكرم عمران والسواحلية والجزيرية الذين حضر ممثلون عنهم في ذلك اللقاء.
في ذلك اللقاء وجدتُ الزميل مصطفى محمود ترك المنصة، ونزل يجلس إلى جوار هذا ويتحدث إلى ذلك، وذاك يجري عليه يصافحه بحب، فهذا يأخذه على جانب من اللقاء، وآخر يحدثه حديث القريب إلى القريب.
دعوني أصارحكم أن هذه الاُلفة لم تكن في كثير منها عن مواقف للنائب الزميل مصطفي محمود معهم، بقدر ما هي هي إرث ورثه عن والده النائب القدير الدكتور محمود مصطفى في قلوب أهالي تلك المنطقة بوجه خاص ومختلف مكونات المجتمع القنائي على وجه العموم، حتى انه قد امتلأت صفحات التواصل الإجتماعي من مختلف مكونات المجتمع القنائي بعبارات الرثاء والذكرى الطيبة التي لعمّنا النائب الراحل الدكتور محمود مصطفى في نفوس الجميع.
هناك عادة قد تكون مذمومة في مجتمع النواب بقنا، أن النائب لا يجب أن يتدخل في أمور تخص أهالي دائرة نائب آخر، ولا أن يقدم الخدمات ولا أن يتواصل مع البعض منهم خاصة في الدائرة الضيقة القريبة منه، إنها عادة حرصنا في تحالف نواب قنا على تطليقها بغير رجعة، وكان لنا في ذلك من الدكتور محمود مصطفى اسوة طيبة، فكلنا نواب المجتمع القنائي بكافة مكوناته، ولا يجب بل ولا يصح أن تكون تحركاتنا أو خدماتنا فقط في المكوّن الذي ننتمي إليه، النائب حين ينجح لابد وأن يكون نائبًا للجميع.
هذه العادة المذمومة التي تجلّت بشكل واضح في المجتمع النيابي لمحافظة قنا في عصور سابقة كان النائب الراحل الدكتور محمود مصطفى ونفر قليل من النواب السابقين في استثناء منها، على أن النائب الدكتور محمود مصطفى كان علامة بارزة في كسر هذا المألوف ونبذ تلك العادة المذمومة قولًا وفعلا.
كان النائب الفقيد عليه رحمة الله، مثالًا في تشكيل لوحة أنصاره من مختلف مكونات المجتمع القنائي، حتى أصبحت مثل فسيفساء جميلة، مرصّعة بأحبابه من أبنود والبراهمة وقفط والشيخية و بئر عنبر وكرم عمران والكلاحين بشقيها، ولم يستثن فيها المواطنين من أقرب دوائر خصومه السياسيين، كان يتحرك في أربعة أنحاء الملعب السياسي بالدائرة سير المحب للحبيب، وهنا أذكر واحدة من الإنتخابات القديمة، وبينما كانت حسابات المراقبين بعد إنتهاء الجولة الأولى من الانتخابات قبل جولة الإعادة وأثناء فرز الصناديق تدور حول الثنائي الذي سيصل إلى جولة الإعادة، أن فاجأهم الدكتور محمود مصطفى بالنجاح وبإكتساح من الجولة الأولى، إنها لم تكن إلا ترجمة لروعته في أنه كان بحق ممثلًا للجميع وليس لمكونٍ بذاته، وتلك هي سيرته التي بقيت في ذاكرة القنائيين وترجمتها حالة الحزن على رحيله الاسبوع الماضي بين مختلف مكونات القنائيين.
رحم الله وبكركاته على النائب الدكتور محمود مصطفى، ونفعه الله بما قدم وسعى بين الناس كل الناس.. بالمودة.
جمعتكم طيبة
أشرف رشاد