أعلام من قنا| “الشيخ أحمد إبراهيم” ابن كوم جابر بأبوتشت.. قاوم الإنجليز وأدى الجنود التحية العسكرية له
كتب: أحمد القواسمي
تزخر محافظة قنا بالعديد من العلماء ورجال الدين، ومن أبرز هؤلاء فضيلة الشيخ أحمد أحمد إبراهيم، المصباح الوضاء، رمز العلم والمعرفة، أستاذ الأساتذة، التقي، الورع، الذكي الفطن.
”الشارع القنائي“ يستعرض سيرة الشيخ أحمد أحمد إبراهيم، ابن مركز أبوتشت بمحافظة قنا، حسب ما جاء في منشور عبر الصفحة الرسمية للإدارة المركزية لمنطقة قنا الأزهرية.
مولده ونشأته
ولِدَ الشيخ أحمد أحمد إبراهيم، في الحادي والعشرين من شهر نوفمبر عام 1898م، بقرية كوم جابر بمركز أبوتشت بمحافظة قنا، وحفظ القرآن الكريم في سنٍ مبكرة، والتحق بعدها بالأزهر المعمور في دفعة 1914م وكان يعقد لها الامتحان من أجل شرف التعلُم بأروقة الأزهر وأعمدته، والتي كانت لا تضم إلا الرواد والطليعة لكي تدرس تحت أيدي نخبة من العلماء الأفذاذ، وتدرج في التفوق من مرحلة لأخرى حتى نال الإجازة العالية في أصول الدين، ثم درجة التخصص في التوحيد والمنطق، والتي تعدل شهادة العالِمية في هذا الوقت.
عمله
كانت بدايته العملية في الإسكندرية تدريسا في معهدها، وكانت المعاهد قليلة جدا في ذلك الوقت، ثم انتقل لمعهد قنا، وكان يتمتع بهيبة وإجلال حتى أوصى حكمدار قنا، الضباط والجنود أن يؤدوا لفضيلته التحية العسكرية عند رؤيته تقديرا وفخرا بهذا العالم، ولقد شهد كل من تلقى العلم على يد فضيلة الشيخ بعظيم أخلاقه وحنوه وعطفه، ثم تقلد مشيخة معهد قوص، وقت أنْ كانت معاهد الأزهر تعد على الأصابع، وظل في أداء هذا العمل حتى بلغ السن القانونية عام (1964)، وكان في خلال زيارته لقريته في العطلات الرسمية والإجازات الصيفية يكون بيته في تلك الفترة قبلة لطلاب العلم وللمحبين للعلم يجتمعون حوله فينهلون من خبرته وعلمه، كما أن بعض الناس كانت تفد إليه لتستفتيه في المسائل العلمية والفقهية، وكان يتمتع بحب الصغير والكبير وذلك لتواضعه وكرم أخلاقه وطيب خصاله.
أصدقاؤه وتلاميذه
ارتبط الشيخ أحمد، خلال حياته بعلاقات وصداقات مع رموز العصر الحديث من أشهرهم: فضيلة الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر فيما بعد، والذي كان يقوم بالتدريس في معهد الإسكندرية في بداية حياته، والشيخ حسنين محمد مخلوف مفتي الديار فيما بعد، والشيخ أحمد حسن الباقوري وزير الأوقاف بعد الثورة، والذي ارتبط به في خلال ثورة طلاب وعلماء الأزهر، وظلت علاقته به مستمرة حتى وفاته، وفضيلة الشيخ أبوالوفا الشرقاوي القطب الصوفي المعروف، وفضيلة الشيخ أحمد رضوان القطب الصوفي المعروف، وفضيلة الشيخ توفيق أبوخليل ابن عم الشيخ وزميل دراسته في الأزهر، والشيخ محمد عبدالعزيز البتشتي العالم المعروف.
أما تلاميذه فهم أكثر من أن نلم بهم في هذه العجالة فهو يعد شيخا لكل أبناء معهد قنا في عقود الأربعينيات والخمسينيات، وهم الذين قادوا مسيرة الأزهر فيما بعد ومن أشهرهم: فضيلة الشيخ حسين عبدالعال وشهرته الشيخ حسين العضاضي، وفضيلة الشيخ حلمي الكومي، وفضيلة الشيخ عبدالله عيسى، وفضيلة الشيخ الأمير خالد، وفضيلة الشيخ عبدالله وزيري، والشيخ محمد مسعود الزليتني العالم الزاهد الورع، والشيخ ابوالحمد عبدالنعيم، ومما يعرف لفضيلة شيخنا أنه لم يذكره أحد من زملائه أو أصدقائه أو تلاميذه بأي سوء أو نقيصة بل الجميع كانوا يثنون عليه، ويكنون له كل تقدير واحترام وهذا مما يثير التعجب والفخر والإعزاز.
دوره السياسي
لقد كان لفضيلة الشيخ دورا بارزا في الحركات الأزهرية، ضد المحتل وضد الظلم الذي كان يقع على أبناء الشعب، وقد دفع ثمن ذلك في مقتبل حياته حينما سجن وقت عمله في معهد الإسكندرية، في بداية حياته الوظيفية وخرج من هذه التجربة يحمل لقبا لازمه طول حياته وهو لقب (الزعيم).
وفاته وتخليد ذكراه
وكان من توفيق الله تعالى لحفيده الحاج حلمي أن هيأ له الأسباب للتبرع بقطعة أرض لإنشاء معهد أزهري، يحمل اسم جده ويخلد ذِكراه معهد فضيلة الشيخ أحمد أحمد إبراهيم الإعدادي الثانوي الأدبي للبنين بالقرية، وهو ثاني معهد تم إنشاؤه بمركز أبوتشت بعد معهد فضيلة الشيخ توفيق البتشتي، ويأبى الله ألا ينقطع أثر صاحب الفضل والفضيلة بموته بل يمتد أثره حتى يومنا هذا فما من طالب علم بالقرية أو القرى المجاورة إلا وللشيخ أحمد في عنقه مـنّة فهو إما متعلم بهذا الصرح الكبير أو متخرج على يدي أساتذة تعلموا فيه فهي دائرة لاتنقطع وخريجو هذا المعهد الآن يشغلون الكثير من المواقع بهيـئـة التدريس بجامعة الأزهر، وقطاع المعاهد الأزهرية، ووزارة الأوقاف، حتى أصبحت القرية رائدة في التعليم الأزهري وخاصة الدراسة الأدبية، وتوفي (رحمه الله) في شهر ديسمبر عام 1968م.