كتب: عبد الرحمن الصافي
قصة كفاح، ورسالة للعمل والكدّ، مهما كانت الظروف، تجدها مُجسّدة في شخص بائع، يجلس على إحدى النواصي، بأسواق نجع حمادي، في قنا، يحكي رسائل ربانية عن الأمل والعمل والتوكل على الله وتسخيره الكون للإنسان.
رزقه الله محبة الجميع من حوله، يعملون على خدمته، ويقدمون له يد العون، بينما هو يكافح من أجل لقمة العيش، راضيا بما قدره الله له شاكرا لأنعمه، متعكزا على كتف ابنه، سائرا بنور الله، متخذا من الليمون سببا يحصل منه على جنيهات قسمها الله له لينفق منها على أسرته.
يقول شعبان محمود مغربي، ابن قرية القناوية بنجع حمادي، إنه إنه وُلِد بمشكلات ببصره، حيث كان يعاني، في البداية، من ضعف البصر، وكان والده يكشف له عند الأطباء، فكثيرا ما ذهب إلى مستشفيي الرمد والقصر العيني بالقاهرة، إلا أن الأطباء أخبروه أنه لا علاج له، مشيرا إلى أن مشكلات حدثت له بالشبكية، سببت له عدم الرؤية.
منذ الثمانينيات، يعمل “العم شعبان” في بيع الليمون، كما يذكر ل “الشارع القنائي”، حيث يذهب كل عَشيّة إلى شادر الليمون بقريته القناوية، بنجع حمادي، ويحصل من تجار الجملة على حصته، وفي الصباح يذهب هو وابنه إلى المدينة، حيث يبيع في الأسواق.
يبدأ “العم شعبان”، يومه من الساعة ال7 صباحا، حين يأخذ بيده ابنه إلى السوق، ويظل جواره ليُعينه في أي طلب، وفي نهاية اليوم يعودان إلى المنزل، وهو ما يحدث أيام الإجازات، غير أن الابن يذهب خلال أيام الدراسة للمدرسة ثم يعود إليه مرة أخرى.
يعرف بائع الليمون، “الكيلو والنص” كما لو كان مبصرا، قائلا: “هي مش بالبصر ولكن بالبصيرة “، كما أنه يضع يده على الميزان فيعرف ما إذا كان قد وصل إلى الوزن المراد أم لا.
في بيعه وشرائه، يعتمد “العم شعبان”، على ثقته بالزبائن، فهو يسألهم عن المبلغ الذي يعطونه ثم يضعه في الجيب الذي قد خصصه، حيث يجعل جيبا للخمسة جنيهات، وآخر للعشرة جنيهات، وغيره للمائة جنيه، وجيبا للنقود.
جُلّ ما يتمناه “بائع الليمون”، الذي عوّضه الله نور البصيرة عن البصر، هو زيادة في المعاش الذي يحصل عليه، ليُعينه على متطلبات الحياة، التي لا توافيها الجنيهات التي يتحصلها من بيع الليمون.
