كتبت: سمر سليمان
عندما تسير وسط سوق السبت بقرية القلمينا تري بجوار شجرة النبق أمام بريد القلمينا بمركز الوقف، يجلسون عدة أشخاص يعملون في”نافخ الكير”، والعم” حسين محمد شكل ، 70 عاما” وأبنه من بينهم.
تعتبر الحدادة هي معالجة الحديد وتشكيله بأشكال بحسب الطلب للانتفاع منه ،وتدخل في صناعة آلات الإنتاج والغزل والنسيج،وصناعة السيوف،والدروع وما يتعلق بمستلزمات الجيوش وغيرها وكان يسمي العامل ( الحداد).
اليوم ألتقي”الشارع القنائي”بالعم حسين حداد بسوق السبت بالقلمينا بمركز الوقف، وذلك ليرصد لكم فصلا من ضمن”كتاب مهنة في طريقها للانقراض”.
يروي” حسين محمد شكل” مهنته التي يزاولها منذ أن كان عمره 8 أعوام، أنه منذ نعومه أظافرة وهو يري والده وهو يمسك المطرقة ويشعل فحم ” الكور”ليشكل عن طريقة كل أنواع الحديد إلي منتجات يدوية يستخدمها الأهالي في الريف والرزاعة.
ويضيف” حسين” أنه أولي مهام الحداد ، هو إعداد اللهب الذي يستخدم في صهر الحديد، حيث يقوم بجلب ”فحم الكور” وهو عبارة عن أحجار سوداء تشتعل وتظل محتفظة بدرجة حرارة مرتفعة،داخل حفرة ،بمجرد إشعال النيران حولها،ولا تحتاج إلا 10دقائق ليصبح الكانون الخاص بالصهر جاهز والذي يعتمد كليا علي النفخ في الفحم ليكون مستعداً لوضع قطع الحديد المراد تشكيلها.
ويسمي ”الكير” (منفاخ ينفخ فيه الحداد) وهو مصنوع من الجلد القوي يستعمله الحداد لرفع درجة الحرارة بالحديد فتؤثر عليه وتجعله لينا ليسهل طرقه واعطاؤه الشكل المطلوب والمناسب.
ويتابع” محمد” أن قطعة الحديد تحتاج إلى دقائق معدوظة لكي يلين وتصبح في يده مثل” الصلصال” علي حد قوله ،ويشكله ليصنع منتجاته اليدوية،بكل مهارة دون الاستعانة بأي آلات أو أدوات حديثة سواء في التقطيع أو تشكيل الحديد والصهر .
ويذكر” محمد” أنه في مهنتنا نستخدم مايعرف عند نافخي الكور والحدادين القدامي ب” السندان” وهو عبارة عن جزء حديد من الصلب الطري ويوضع علي سطحه شريحة سميكة من الصلب القوي والناشف ليتحمل عمليات الطرق وينصب علي الأرض،لسند الحديد عليه وقت طرقه وتشكيله.
وهكذا يقوم ”حسين شكل” بتشكيل الحديد ليصنع منه مرابط الحيوانات و الطوارق، ومقابض الحديد ،ورأس الفأس والمنجل وغيره.
ويلفت ”الحداد” هذه المهنة ورثناها عن آباءنا وأجدادنا وخوالنا وأعمامنا ، ولكنها تجلب الأمراض بسبب الغازات والأدخنة التي تخرج من فحم الكير، وهي تعتبر صنعتنا الوحيدة التي ورثتها وهي مصدر رزقنا الوحيد على الأرض للإنفاق على أسرتنا وأولادنا،” مشيراً” إلي أن تسويق منتجاتهم يقتصر على البيع بالأسواق كل أسبوع سوق السبت بالقلمينا وسوق الأثنين بالوقف.
وفي نهاية حديثة تمني أن ينظر إليه المسؤولين بعين العطف لمساعدتهم على تربية أولادهم.