“الترامسي” أقدم بائع للفول النابت في قوص.. 50 عامًا من بيع “أكلة الغلابة”
كتبت: منى أحمد
ما أن تطأ قدماك، ميدان أبو العباس بمدينة قوص في محافظة قنا، إلا ويلفت انتباهك زحام شديد حول قدر كبير يغلي، تفوح منه رائحة شهية، تدفعك للاصطفاف في طابور طويل، لتناول طبق فول نابت شهي، على طاولات خشبية، مصحوبة بأرغفة العيش الشمسي، وتنتشر فوقها حبات الفول مع مياهه المميزة برائحة الثوم والتوابل، مع بعض قطع الليمون الطازجة، في أقدم مطعم للفول النابت بقوص.
يقول العم أحمد الترامسي، 60عاما، صاحب أقدم مطعم للفول النابت بقوص، إن مهنته في طهي الفول النابت، بدأت منذ أن كان عمره 10 أعوام مع والده، وهو ما أكسبه خبرة وشهرة واسعة بين أهالي المدينة، وزائريها من القري المجاورة، التي تعشق الفول النابت كواحدة من أكلاتها الشعبية الأصيلة.
“لحمة الغلبان وميته شفاء”، بهذه العبارة بدأ الترامسي حديثه، عن الفول النابت، فبرغم انتشار مطاعم المشويات واللحوم، إلا أن مطعم الترامسي للفول النابت، ما زال محتفظا بزبائنه ملتفين حول طاولات خشبية، في انتظار طبق الفول النابت الشهي.
يشير الترامسي، إلى أن عمله في مهنة الفول النابت، بدأت كبائع متجول على ناصية الطريق، وبعد سنوات تمكن من افتتاح مطعم للفول النابت، وفر فيه فرص عمل للشباب، لفتح باب رزق لهم، كما أن ربات البيوت كان لها نصيب في عمل المطعم، وذلك من خلال الاستعانة بهم في صنع العيش الشمسي، وشراؤه منهم فهو أساس طبق الفول النابت.
يبدأ الترامسي، عمله بعد أذان الفجر حتى أذان الظهر، لتبدأ الفترة الثانية من العصر حتى العشاء، وتعتبر وجبتي الإفطار والعشاء، موعد قدوم الزبائن خاصة في الشتاء، لما يمنحه طبق الفول النابت من شعور بالدفيء، أما لشهر رمضان فوضع أخر، حيث يقتصر عمل المطعم على الفول المدمس فقط.
يوضح الترامسي، أن طهي الفول النابت يمر بعدة مراحل تبدأ بفرز الفول وتنقيته، ثم غسله ونقعه داخل
أوانٍ كبيرة لمدة 24 ساعة حتى “ينبت”، وبعدها يوضع في قدر كبير مصنوع من الفخار، عمره أكثر من 50عاما، حتى الغليان ويضاف بعدها الثوم والملح والكمون، مرددا “هو ده سر الخلطة واللي بيميز النابت بتاعنا عن البيوت”.
وعن الجندي المجهول وراء شهرة مطعم الترامسي للفول النابت”، يكشف الرجل الستيني عن الزوجة والأم لـ5 فتيات وصبي، وعن وقوفها بجواره طوال رحلته وتحملها مراحل طهي الفول النابت الأولي، من فرز ونقع بجانب تربية الأبناء وتحمل مسؤوليتهم.
واختتم العم الترامسي، حديثه بفخره بقدرة الفول النابت وفضلها عليه، في تربية أبنائه وإتمام تعليمهم الجامعي وتزويجهم، وهم ما زالوا يساعدونه في طهي الفول “فالعمل الحلال لا يعيب صاحبه”.